من يعتقد أن البطولة والنجومية تقتصر على بعض ممن يملكون مهارة كرة القدم، رغم معاناتهم الثقافية، وحتى على مستوى الشعور بالمسؤولية، فهو مخطئ، ونحن الإعلام كنا جزءاً من هذه الثقافة التي تكرست بحسن نية، فانقلبت في النهاية علينا.
من يزر أو يتابع مشاركات الإمارات في هذا المحفل الكبير، سيدرك معنى التضحية والمسؤولية والتعب الذي لا ينتهي إلا بعد نهاية كل سنين العمر.. قصتنا اليوم عن أم قضت قرابة الثلاثين عاماً من عمرها وهي تضحي وتتحمل وترفض الرفاهية والتفكير بالنفس، من أجل ابنتيها حمدة ومريم.. فهي الأم القدوة والبطلة، والتي تقف في الظل غير مكترثة بكلمات الشكر أو عبارات التقدير من أحد، فكل ما كانت تريده ابتسامة من حمدة وحالة رضا من مريم، هي الوالدة زعفرانة الحوسني ذات الأربعة وستين عاماً، والتي قدمت درساً لكل أم ولكل امرأة، ولكل من يردد عبارات التضحية دون أن يدرك معناها.
حين ولدت ابنتها حمدة عانت من بعض الأعراض التي حولتها من وليدة سليمة إلى الإعاقة الذهنية، فقررت من بعدها الأم أن تترك كل ما في الدنيا، لتكون بالقرب من ابنتها، وكانت المرة الوحيدة التي غابت فيها عنها بسبب أدائها فريضة الحج، الوالدة زعفرانة تحضر اليوم للأولمبياد الخاص لتشجع ابنتيها، وتقف معهما، وتؤكد أنها ستكون بجوارهما حتى لو لم يشعرا بمعاني التضحية، أو لم يتمكنا أن يقولا لها شكراً «أمي»، فهي مشاعر خاصة لا نعرف تفسيرها، وماذا يجب أن نطلق عليها.
أمثال الوالدة زعفرانة كثر في مجتمعنا، بعيداً عن الأضواء، وعن الصور، فهم لا يسعون لها، ولا يريدون منا شيئاً، فهم يقدمون واجباتهم بصمت، حتى لو كان الثمن أن تضيع أجمل سنوات العمر.

كلمة أخيرة
«زعفرانة» لا تجيد البهرجة ولا الترويج للذات.. فهي مشغولة بأمور أكبر وأعمق قد لا يستوعبها البعض!