لأن بعض الناس قلقون، ومرتبكون في الحياة، وغير أسوياء ولا متزنين، تجدهم يسعون لضم أكبر عدد من الناس إلى صفوفهم، ويفرحون بأعدادهم المتزايدة، من خلال بث الشائعات، وإطلاق الأقاويل، وتجميل الأكاذيب، فيرجفون قلوب المترددين، ويزعجون أيام المتذبذبين، ويجعلون من الواعين المدركين شكاكين، يطلقون إشاعة أن كل مقيم لن يجدد له بعد انتهاء إقامته، بحكم وجود علة في التركيبة السكانية، وأن الحل الناجع لمثل هذه المشكلة هو عدم التجديد لأي عامل أكثر من إقامة واحدة، فيعيش كثير من الناس هذا القلق غير المجدي، وغير المبني على حقائق، وينقلون العدوى إلى غيرهم حتى تكون الكذبة بحجم كرة الثلج المتدحرجة. ينصحون صغار المستثمرين من خلال بث إشاعة أن التمليك في الدولة لن يحدث، وأنهم يمكن أن يقلبوا قصة التملك الحر إلى استثمار طويل المدى، ثم سيغيرونه إلى قصير المدى ومحدود الإقامة، ولبعض الفئات، ثم يكون التسفير نهاية المطاف، والخير أن يستثمر الواحد في كندا وأستراليا لأنهما تتبعان قانوناً لا يتغير ويتبدل بسبب الأفراد، ولا نعرف مدى صدق نوايا هؤلاء الخبثاء، ومدى دقة معلوماتهم، ومدى أهمية مصادرهم، لكي يطوقوا المجتمع بمثل هذه الافتراءات، ويمكن من خلالها أن يعطلوا ويفلسوا شركات قائمة تعمل من أجل المجتمع وتنميته. يرسلون إشاعة قبل الصيف أن هذه المرة جاء الدور على اللبنانيين في التسفير، خاصة بعدما كثر اللغط عنهم في الآونة الأخيرة، ويجزمون أن ثلاثة أرباع اللبنانيين سيغادرون الإمارات قبل نهاية الصيف، فقط أمهلوهم حتى يخلصوا أولادهم من المدارس، فتسري تلك الشائعة سري النار في الهشيم، فيستعد الكثير على الأقل نفسياً للرحيل، وبعضهم يبحث عن عمل في بلدان أخرى تحسباً لأسوأ الظروف، وبعضهم يضيفون على الجالية اللبنانية، الجالية الموريتانية، فيحدث ذلك اللغط الماسخ والذي لا ينفع أحداً غير مصدريه ومرسليه، ويضر الكثير والمجتمع. أحياناً تلك الشائعات توضع لتتصادم الجاليات فيما بينها، وبالتالي ينقلون حروبهم الصغيرة التي بينهم، وفي بلدانهم إلى ساحتنا المحلية التي لم تخلق إلا للعيش الرغيد والتسامح واحترام الآخر بغض النظر عن دينه أو طائفته أو نحلته أو عرقه، فيصبح التنابز بالألقاب، وتظهر الحساسيات الدفينة والنائمة تحت الرماد، وتبدأ حرب الشائعات، وكل واحد منهم يرسل إشاعة في المجتمع لكي تصدق عن الجالية، ويسمع عنهم خبراً يفرحه، فيقوم فرد من الجالية الأخرى، ويشعل إشاعة يريد أن يقضي بها على الجالية ورزقها هنا، ولو اضطر أن يختلق حادثة أو يدبر مكيدة. الإشاعات إن لم تكن جميلة وفي صالح الناس، فالأفضل أن تدفن في صدور أصحابها التي تغلي من الغيظ والحسد والقلق وأذية الآخر! ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com