بناظير، بنازير، بي نظير بوتو، اسم يختلف في لفظه وكتابته بين العديد من المذيعين والصحفيين، ويعود الاختلاف في جزء منه إلى أن بعضنا يصعب عليه التفريق بين''الظاء والزين''، كما يعود أيضاً إلى أن بي نظير نفسها كامرأة سياسية تثير الجدل داخل وخارج بلادها، وقد تطور الجدل فانتقل من المعارضة والحكومة إلى حزب الشعب نفسه، بل إنه انتقل أيضاً من الحزب إلى العائلة· بي نظير التي لا شبيه لها، كما يعني اسمها بالأوردية، ولا أعرف كيف ينطقه الأكاديميون في جامعتي هارفارد وأكسفورد اللتين تخرجت منهما، ولدت عام 1953 من زوجة أبيها الثانية ''نصرت إصفهاني'' الإيرانية ذات الأصل الكردي، اعتقلت وسجنت 5 سنوات، قبل أن تؤسس حزباً سياسياً في لندن· كان نجاح بي نظير بوتو في السنوات السابقة يعزى إلى عدة عوامل، أبرزها المكانة الخاصة لعائلة بوتو في نفوس الباكستانيين، وهي مكانة تجمع بين التعاطف مع عميد العائلة الراحل ذو الفقار علي بوتو بعد اعتقاله وإعدامه بطريقة درامية محزنة على يد الجنرال ضياء الحق عام 1979 والذي بدوره حكم باكستان قبل أن تنفجر به طائرته في ظروف غامضة عام ،1988 كما كان للدور الذي تلعبه العائلة والحزب سياسياً في اتجاه تكريس الديمقراطية، والدفاع عن الكادحين والفقراء ومصالحهم في البلاد، والتصدي للأحزاب الدينية وجنرالات الجيش المتهمين بالفساد والديكتاتورية، وحجم ديون خارجية كانت وقتها قبل 10 سنوات تزيد على 30 مليار دولار· هذه العوامل ساعدت على نجاح بوتو في السنوات السابقة في قيادة حزبها والإمساك بخيوط الولاء والمحبة من قبل قطاعات واسعة من أبناء باكستان، متفوقة على حزب المعارضة المنافس الثاني ''الرابطة الإسلامية'' بقيادة الخصم الودود أو الصديق اللدود ''نواز شريف'' ومتحدية الجنرالات في بلد يزيد على 130 مليون نسمة، ينهشه الفقر والفساد والديكتاتورية والتعصب والديون· خسرت بوتو مرات عدة الانتخابات، وفازت بها مرات عدة، كانت تفقد شعبيتها، وتسترجعها، وبين المد في حياتها السياسية والعائلية والجزر، انزوت عن الحياة السياسية واختارت منافيها الاختيارية بعد أن فاحت رائحة الفساد أيام حكمها من خلال ممارسات بعض أفراد عائلتها وخاصة زوجها عاصف علي زرداري، حتى لقبتها الصحافة بـ''حرم السيد 10 في المائة'' كما ظهرت بعض الخلافات العائلية، فالأم في جهة، والأخ ''مرتضى'' بعد فوزه في الانتخابات يعود إلى باكستان 1996 ليلقى حتفه بطريقة غامضة، ونتيجة مغامرات سياسية غير محسوبة، وتقوم ''غنوة'' زوجة الأخ بترشيح نفسها وتقود تياراً منافساً، والأخ الثاني ''شاه نواز'' يعثر عليه مقتولاً في شقته في الريفيرا الفرنسية بطريقة لم يتم الكشف عنها· تعود بوتو من جديد إلى باكستان بعد 8 سنوات من منافيها - شبه الاختيارية- لتخوض معركتها الأخيرة، رغم كلام العرافة الإنجليزية الذي تجاهلته بي نظير، وأصرت على أن تدخل بيت الدبابير، المحاط بقوى ''إسلاموية'' متعصبة ضد المرأة، وضد التغييرات السياسية والاجتماعية وفق المفهوم الغربي والنمط الأميركي، والملغّم بجنرالات عتاة، قساة، لهم مصالحهم الشخصية في استمرار الحال والفساد، وفي اللعب على التناقضات· بوتو·· سقوطك، ليس مفاجأة، لأن رأسك كان مطلوباً من الجميع، العسكر والتجار والسياسيين والشعب المتوتر، والسياسيين ذوي العمائم واللحى المحناة، والقوى المخفية التي ترعى وتتربى على عشب باكستان ''أرض الطهارة'' الفاسدة·