هناك شخص واحد في الخليج، هو من نفذ مصطلح الاحتراف الكروي بحذافيره، طبقه بكل صدق، مؤكداً أن الاحتراف يعني القتال والصبر والتضحية بكل شيء، مقابل تحقيق الحلم! أتحدث عن علي الحبسي الحارس العُماني الذي يلعب حالياً في نادي ريدينج الإنجليزي، ذهب إلى الاحتراف، قبل أن نعرف معنى هذه الكلمة، وانتقل إلى أوروبا، في الوقت الذي لا زالت الأندية في الخليج، تفكر كيف تبدأ في تنفيذ عقودها، الحبسي والذي بدأ حارساً في حواري مدينة اسمها «المضيبي»، ولاعباً في ناديها البسيط، تحول إلى الدوري الإنجليزي بعدها بسنوات، وقد يظن البعض أنه ذهب بـ «واسطة» معارفه، ولكنه في الحقيقة غادر وطنه، تاركاً خلفه كل ذكرياته في رحلة إلى المجهول، إلى نادي أوسلو في النرويج، ولعب في دوري باهت أوروبياً، بعيداً عن الوطن والأهل والأصدقاء، ثابر إلى أن حصل على جائزة أفضل حارس مرمى هناك، ليحول حلمه إلى حقيقة بعد الانتقال إلى «البريميرليج». البداية كانت من هذا السؤال: هل تريد اللعب في إنجلترا؟.. وكانت إجابته هي الضحك فقط، من فرط تعجبه من هذا السؤال؟.. فلم يكن يظن رجل الإطفاء البسيط، والحارس الاحتياطي المغمور أنه سيصبح اليوم كابتن فريق ردينيج، خسر قبل أيام من مانشستر يونايتد، فسخر منه البعض، وقام البعض الآخر بتقييمه أو تقديم النصح له، وهم أقصى ما وصلوا إليه في الدوري الإنجليزي، هو الجلوس على مقاعد المتفرجين.. هذا إن وصلوا فعلاً! متناسين أن الحبسي هو مثار «فخر»، ويجب على من يريد تقييمه من الخليجيين، أن يقدموا لنا تجاربهم الحياتية أو الرياضية، كي نعرف إن كان لهم الحق في تقييم أو تصنيف هذا الرجل الذي تحول إلى شخصية ملهمة بفضل تجربته الخاصة! لمن لا يعرف الحبسي فهو قام بتجديد عقده مع فريقه السابق، وهو مغمض العينين فقط، بشرط الموافقة على تمثيل منتخب بلده في كأس الخليج، ومن يظن أن احترافه كان سهلاً فهو لا يعرف أن «علي» ظل في الدوري الإنجليزي احتياطياً مواسم طويلة، وهو ينتظر فرصة واحدة كي يظهر إلى النور، ومن لا يعرف الحبسي، فهو كان ولا زال يدفع بالآلاف من جيبه الخاص، كي يتكفل بجماهير بلاده، وهو نفسه وبدون أن يعلّمه أحد قدم لمؤسسات وطنه الكثير من الإسهامات المادية والمعنوية، مؤكداً أن الاحتراف يعني أن تكون رجلاً مسؤولاً مساهماً لوطنك ولعائلتك داخل الملعب وخارجه. كلمة أخيرة يقول محمد علي كلاي: الأبطال لا يُصنعون في صالات التدريب، بل يُصنعون من أشياء عميقة في داخلهم هي: الإرادة والحُلم والهدف.