خلال الأيام القليلة الماضية، توالت مجموعة من المؤشرات الواضحة التي تظهر بوصلة الاقتصاد الإماراتي واتجاهاته في السنوات المقبلة، والتي تؤكد كلها أن الدولة تتجه في الطريق الصحيح نحو مزيد من التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، وصولاً إلى الاستعداد لمرحلة ما بعد «الذهب الأسود». وكان من أهم تلك الإشارات، اعتماد مجلس الوزراء في اجتماعه الذي عقد برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إنشاء مجلس تنسيقي للصناعة بالدولة، بما تمثله هذه الخطوة من دعم للقطاع الصناعي الذي يعول عليه بشكل كبير ليقود قاطرة الاقتصاد الوطني المنتج في السنوات القادمة. وفي الوقت نفسه، جاء تقرير لمصرف الإمارات المركزي الذي انفردت صحيفة «الاتحاد» بنشره يوم أمس، وتوقع أن تكون حصة القطاع النفطي من الاقتصاد أقل من 17% في العام الحالي، بعد أن سجلت 23,5% فقط خلال العام الماضي 2015، وهي مؤشرات تحمل في طياتها الكثير، وتؤكد أن القطاع النفطي أصبح قريباً من أن يكون قطاعاً يشكل حصة طبيعية تعادل حصص القطاعات الأخرى مثل السياحة والصناعة والعقار وغيرها، ما يعكس المرونة العالية التي أصبح الاقتصاد الإماراتي يتمتع بها في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية المختلفة. صحيح أن تراجع حصة النفط مرتبط في جزء منه بانخفاض أسعار النفط في العالم، ولكنه يعني في الوقت نفسه أننا أصبحنا نملك قدرة عالية على التأقلم مع الأزمات الاقتصادية العالمية، خصوصاً التي تمس قطاع النفط بشكل مباشر. القطاعات غير النفطية بالدولة تواصل نموها، وتستمر في زيادة حصصها من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر لم يكن ليأتي من فراغ، بل هو نتاج سنوات من العمل الجاد لبناء اقتصاد حقيقي ومتنوع، فالسياحة والطيران انطلقت إلى أفق واسع لم يكن أكثر خبراء الاقتصاد ليتوقعه قبل عقدين من الزمن، وبالنسبة للتجارة فقد أصبحت دولة الإمارات قطباً مهماً في هذا القطاع على مستوى المنطقة والعالم، وكذلك هي الحال بالنسبة للصناعة والنقل البحري والاستثمار العقاري والخدمات، وغيرها من القطاعات.. كل ذلك يجعلنا متفائلين بالمستقبل، مهما اشتدت الظروف والأزمات.