بحسب جهاز الرقابة المدرسية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، فإن مدرسة واحدة ممتازة فقط من ضمن 78 مدرسة انتهى الجهاز من تقييمها ومازال على قائمة انتظار النتائج 210 مدارس سيُعلن عن نتائجها قريباً، وإذا سارت النتائج بهذا المعدل - الله لا قال - فإن مجموع المدارس الممتازة لن يتجاوز الأربع مدارس، وهذه كارثة تربوية تعليمية حقيقية إذا كانت عملية التقييم تتم بشكل يتوافق مع واقع الميدان وتلبي احتياجاته الفعلية وتقيم عناصره الضرورية وفق معرفة واضحة وعملية وليس مجرد تقييم يطبق معايير أجنبية مثلاً أو مثالية أو غير ضرورية ولا داعي لها أو لا تقدم ولا تؤخر في أمر التربية والتعليم! اللجان التي تزور المدارس في دبي لجان مكون معظمها من أشخاص أجانب، بحسب كلام المعلمين وأهل الميدان، والتقييم بحسب هؤلاء المعلمين غير موضوعي؛ لأنه يركز على جوانب محددة وجزئية ولا يشمل كل الجوانب، وهو يغفل خبرات الميدان تماماً، فلا يشركه في العملية، بل يقحم عليه أشخاصاً لا يعتقد البعض بجدارة عدد كبير منهم! هذا الكلام قد لا يروق لجهاز الرقابة في هيئة المعرفة، لكن النتائج التي يقدمها كصورة لمستوى المدارس لا تعجب هي الأخرى الميدان؛ لأن معلمين كثراً ومعلمات كثيرات يعتقدون أنهم يفعلون أكثر مما هو مطلوب وكذلك الإدارات المدرسية، بحسب الواقع الذي تتحرك فيه المدرسة، ومع ذلك فالنتائج لا تظهر حقيقة جهودهم وتفانيهم بل وقد تمنحهم معدلات سيئة بشكل ظالم جداً حين تقيم أداء المدرسة العام بأنه مقبول أو ضعيف مثلاً. لا تتحرك المدرسة في الفضاء، ولا يأتي الطلاب من الفراغ؛ ولذلك فإن جهوداً مضاعفة يجب أن تبذلها هيئة المعرفة نفسها في مجال ترقية ورفع مستوى العملية التعليمية والتربوية بالتوازي مه جهود المدرسة، أما القول إن “الإنجليزية” هي المعيار الأول والأخير لوصف المدرسة بالامتياز أو بالضعف بحسب حالة الطلاب، فهو أمر مجحف وغير متوازن أبداً، وإخضاع المعلمين دائماً لدورات تأهيل باللغة الإنجليزية ليس سوى تهمة نقدمها للمجتمع لنصف التعليم بأنه متدنٍ وفاشل! إننا نتعلم مناهج عربية، على أيدي معلمين ومعلمات عرب، وضمن سياق مجتمع نعتقد أنه عربي، دون أن يعني كلامنا هذا أي تقليل من أهمية اللغة الإنجليزية وضرورة تعلمها، إن الشعور بالدونية تجاه “الإنجليزية” ليس سمة حضارية أبداً، وليس فيه أي نظرة عادلة لأنفسنا ولا لتعليمنا؛ لأننا بهذا المعيار نقول إن كل الأجيال التي تعلمت سابقاً ضمن سياق تعليمي متكامل من المعلمين وأجهزة الإدارة والمناهج العربية كانت أجيالاً ضعيفة، وهذا غير صحيح على الإطلاق. ضعف الطلاب في مدارسنا بشكل عام وليس في مدارس دبي له أسباب أعمق بكثير من كون المعلم لا يجيد “الإنجليزية” أو المديرة لم تخضع لدورة في هذه اللغة المبجلة، ضعف الطلاب له علاقة بفشل المجتمع والمدرسة في إقناع الطالب بأهمية المدرسة أولاً، وتعاون كل مؤسسات المجتمع لدفعه نحو هذه القناعة، ودور الأسرة في تأهيله لهذا الأمر، وشعور الطالب بعدم وجود أي تناقض بين ما يتعلمه وما يعيشه خارج أسوار المدرسة، الفشل سببه ضعف الرغبة في التعليم عند الطلاب لأسباب أغلبها تقع خارق أسوار المدارس فليبحث الجهاز عنها ويعين المدرسة على تخطيها إن استطاع.