ما كان ليذهب وشاح الشيخ محمد بن راشد لغير الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، وهي صاحبة السيرة والمسيرة، السيرة العطرة المشرقة، والمسيرة الملأى والحافلة بالأحداث والإنجازات العظيمة للمرأة في الدولة، وهي التي أرست اللبنات الأولى لنهضة المرأة في الإمارات منذ سبعينيات القرن الماضي، وعملت جنباً إلى جنب مع القائد الفذ والأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله على إرساء نهضة غير مسبوقة للمرأة في الدولة، والسنوات الأربعون أو الخمسون التي مضت تشهد أين كانت المرأة وكيف أصبحت اليوم.
لا بد أن نعيد الفضل إلى أهله، وأم الإمارات صاحبة فضل، وسبق، وإرادة ورؤية بعيدة في مسيرة المرأة التي نراها اليوم في كل قطاع من قطاعات التنمية والإنتاج والعمل، وقد فطنت بحسها العالي وحكمتها إلى أن التعليم هو الطريق الرئيسي لكي تتبوأ المرأة مكانة مرموقة، وتقوم جنباً إلى جنب مع الرجل بواجبها الوطني، عندما كانت بلادنا تخطو خطواتها الأولى، نحو عصر النهضة والتقدم، وبذلت جهوداً حثيثة لتشجيع المرأة على الانخراط في سلك التعليم. ولعب الاتحاد النسائي الذي تم إطلاقه في سبعينيات القرن الماضي دوراً مهماً وأساسياً في تشجيع المرأة على اللحاق بقطار التعليم، ليكون منارة ومحركاً قوياً في دفع المرأة لخوض غمار ملحمة بناء رائعة سطرت إنجازاتها في كل زاوية من زوايا وطننا الحبيب.
وبدأت المرأة مع الاتحاد النسائي، ومع اتحاد الإمارات لتُفتَح لها الأبواب التي كانت موصدة في المدارس والجامعات ودور العلم والمعاهد والابتعاث إلى الخارج، وقد كان رهان “أم الإمارات” على المرأة في محله، وهي التي عاصرت الأيام الصعبة التي عاشتها المرأة في الإمارات، ورغم قلة الإمكانات والقدرات آنذاك وقفت إلى جانب الرجل كتفاً بكتف حفاظاً على تراث وتراب هذا الوطن، وخرّجت أجيالاً من الرجال الأفذاذ الذين قادوا سفينة البلاد إلى مرافئ العز والمجد والكرامة.
وامتدت أيادي “أم الإمارات” البيضاء بعد أن أرست مقومات نهضة المرأة في الإمارات إلى وطننا العربي الكبير، فكان لها الدور الرائد في إنشاء منظمة المرأة العربية، كما أطلقت صندوق المرأة اللاجئة لحماية النساء والأطفال في أوقات الحروب والأزمات، ووصلت أياديها البيضاء إلى كل الميادين في الداخل والخارج.
وها نحن نرى ثمار هذا الجهد الطيب والنوايا الجميلة اليوم في بناتنا وأمهاتنا وفتياتنا في المدارس والجامعات والوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، والقوات المسلحة والشرطة، حيث تقدم المرأة إلى جانب شقيقها الرجل نموذجاً رائعاً في العطاء للوطن، حتى أصبحت محل احترام وتقدير العالم، وأصبحت مسيرة المرأة في الإمارات نموذجاً يحتذى به في الكثير من الدول الشقيقة والصديقة.
“أم الإمارات” مسيرة مجيدة ومسيرة رائدة ونموذج يستحق منا كل التكريم والاحترام والتقدير لأنها جسدت بعطائها وأياديها البيضاء في ربوع الوطن وخارج حدوده قيادة نسائية فذة، ووطننا يعطي لأبنائه بسخاء دون مِنّة.


m.eisa@alittihad.ae