قلت لصديقي: من يتصور أن البطل والعميد أصبح الصراع على البقاء ثالثهما؟ فرد قائلاً: كلمة البقاء لا تصلح لفريقين كبيرين مثل الأهلي والنصر صاحبي الإنجازات والتاريخ ومن الأفضل أن تقول إنهما يحاولان الهروب من المأزق. تأملت فيما قاله، وشعرت للحظة أنه قال لي الصواب ولكن بعد تفكير طويل سألت نفسي: ما الفرق بين البقاء والهروب، فلم أجد إجابة!! تلك هي المشكلة.. أننا نعشق «الفلسفة»، وتفرق معنا المسميات، حتى ولو كانت الفروق بين دلالاتها بسيطة، والفواصل ليست إلا خيوطاً رفيعة، ومن أجل ذلك، أعتقد أننا ابتدعنا تعريفات، ربما لا يعرفها سوانا، فالهزيمة نسميها كبوة، وقد نتمادى في ذلك، لنقول إن الخسارة جاءت في وقتها لتصحيح أوضاع الفريق من أجل تقوية عوده، وربما يذهب البعض إلى ماهو أبعد كثيراً، فيرون أن الخسارة أفضل من الفوز لتكشف السلبيات حتى يتسنى علاجها قبل أن تستفحل، وحتى إذا ما استفحلت، فمسمياتنا عريضة ومطاطة إلى حد استيعاب الكثير، مثلما كان الحال مع صديقي.. نترك الأصل ونتمسك بالفرع، غير مكترثين أنه ليس مهماً المسمى، وإنما الأهم هو أن هذا الفريق أو ذاك في أزمة، وأن ما يحدث للأهلي بطل أول نسخة في دوري المحترفين وممثلنا الأول في كأس العالم للأندية، والنصر عميد أنديتنا وصاحب التاريخ يعانيان، وبشدة، ويحتاجان إلى المصارحة، أكثر من اللعب بالكلمات. واقعنا الرياضي قد يفرض علينا بعض المسميات التي تبعدنا كثيراً عن حقائق الأمور، فعندما تقول إن كلمة بقاء من شأنها التقليل من حجم فريق كبير وإن الهروب من المأزق أخف وطأة على هذا الفريق، فأنا هنا أخدعه، وأيضاً أخدع نفسي والآخرين. الأهلي والنصر يا جماعة، ليسا حلقة عادية في مسابقاتنا، وليسا ناديين هبطا على الدوري صدفة .. إنهما من الجذور، ومثل تلك الجذور، لا يكون الحزن على ما آلت إليه من وَهَن خاص بجماهيرهما، وإنما بكل محب للكرة الإماراتية بمسماها العام، فالأهلي ليس فقط صاحب أول لقب في دوري المحترفين، وإنما هو أيضاً بطل النسخة الثانية من مسابقة الدوري، والنصر بطل النسخة الخامسة، وحصل الأهلي في تاريخه على 5 بطولات وللنصر ثلاث، ومن هنا نحزن ونحن نراهما يتأهبان لصراع حياة يجمعهما اليوم، يحاولان فيه التمسك بالأمل والهروب من دوامة لا تليق بهما، ولا بجمهورهما ولا بتاريخهما العريض. لن نفتح ملف الأسباب التي أدت إلى وضعية الفريقين اليوم لأننا بذلك سنذكر أسباباً تم تداولها منذ أكثر من 174 يوماً حين انطلقت المسابقة.. أما العلاج، فأهل مكة أدرى بشعابها. كلمة أخيرة لكل جواد كبوة، ولكنها أبداً لا تكون سقطة أو موتة.