«أيام الشارقة المسرحية».. والخوف
خشبة المسرح هي المخبر الحقيقي لقدرات وإمكانيات الممثل، ومشاهدة عمل مسرحي تشبه تماما مشاهدة مشهد طبيعي بلا رتوش ولا محسنات، تماما كمشاهدة المطر وهو يهطل، مشاهدة الريح وهي تصفر وهي تلعب مع أغصان الشجر، مشاهدة القمر وهو يرسل ضوءه في ليل العشاق، بين أصابع كفيهما وعلى وجهيهما وملامحهما وتعبيراتهما المليئة بالشغف.
المسرح منبع الفنانين والمخرجين والكتاب، المسرح خبز الشعوب المدركة قيمته في الحياة، المسرح فنون تتجلى على خشبته، فنون ترسل الفرجة والمتعة والبهجة وتحرك الراكد وتحدث شيء من التغيير وتحرض العقل على التساؤل.
بالأمس انطلقت “أيام الشارقة المسرحية” لتصر وتؤكد على أن أبو الفنون ما زال حاضرا في مجتمعنا، برغم كل التبدلات الثقافية حتى أن أكثر الأشياء حميمية أصبحت غريبة. تعود “أيام الشارقة المسرحية” متممة دورتها العشرين، مصرة على التواصل مع الجمهور، ناقلة واقع الحياة بأشكال وطرق وأساليب فنية سوف تكون آسرة بالتأكيد، وإن جاءت متواضعة فانها تستحق التقدير والاحترام والتصفيق على جهد بذل من أجل المسرح، من أجل أن يستمر ويبقى متحققا في حياتنا إلى الأبد، يبقى آسرا وجاذبا لاجيال من المبدعين الراغبين في الانغماس في هذا الفن الجميل والرائع.
في كل الاهتمام السنوي بـ “أيام الشارقة المسرحية” من قبل المسرحيين وانشغال الفرق المسرحية الذي تعودناه، بدأ يظهر ما يمكن ان نقول عليه التهديد لـ”أيام الشارقة المسرحية” والمتمثل في التلفزيون الذي يقول المنطق السليم والمؤمن باهمية المسرح إنه لا يمكن ان يشكل أي اهتمام أو انشغال للممثلين عن المسرح، ففي تقرير إخباري أنجزه الصديق والزميل مرعي الحليان ونشره في وقت سابق في الزميلة “البيان” يبرز مدى التأثير الذي بات يخلقه التلفزيون على “أيام الشارقة المسرحية” من خلال عدم تمكن الممثلين من الالتزام مع فرقهم المسرحية للمشاركة في “أيام الشارقة” إلى حد ان لم يتمكن الممثل والمخرج حسن رجب والإعلامي والكاتب اسماعيل عبدالله من إنجاز عمل مسرحي يشاركان فيه في “الايام” بسبب انشغال الممثلين في أعمال تلفزيونية.
ان هذا الحال، يخلق خوفا وقلقا على المسرح ويدعو إلى تدخل سريع لانقاذه من التقهقر تحت سطوة التلفزيون الذي لا يمكن ان يقارن باهمية المسرح، وذلك بتوفير كل الظروف المناسبة للمسرحيين لتمكينهم من المشاركة في أعمال مسرحية، بدعمهم ماليا وكذلك الترويج للعروض المسرحية بأن تستمر لفترات زمنية طويلة، معززة بالدعاية والإعلان الذين يجذبان الجمهور لمشاهدة العروض المسرحية.. يجب ان لا يُسمح بأن تنهار “أيام الشارقة المسرحية”، ذلك لأنه في انهيارها انهيار للمسرح في دولة الإمارات، وذلك لأن “أيام الشارقة المسرحية” هي الحاضن الحقيقي للحركة المسرحية المحلية.