هذه الالتفاتة والاهتمام بمسرح الشباب، والتي جاءت من مجلس دبي الثقافي، لا شك في أنها مبادرة جيدة ومقدرة، وهي رافد من الروافد التي تصب في مصلحة الثقافة المسرحية، وتخدم النشاط المسرحي في الدولة، خاصة ونحن نعلم أن في الإمارات اليوم أصبحت أيام الشارقة المسرحية واحدة من المحطات الثقافية المهمة، والتي تغذي النشاط المسرحي، بل هذا الحدث أصبح أكبر محفز للمسرحيين بأن يقدموا إنتاجهم ويعرضوا مجهوداتهم، سواء في كتابة النص أو الإخراج أو التمثيل وإدارة خشبة المسرح، حتى أصبحت ساحة الإمارات من أنشط الساحات المسرحية في الخليج العربي وأكثرها استقطاباً للفنانين العرب الذين يقدمون تجاربهم المسرحية ويدعمون الشباب من حيث تقديم النصوص الجيدة الى المستويات الإخراجية المدركة لأهمية العمل الفني· والمتتبع للنشاط المسرحي يدرك أن هناك عملا جيدا، سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج أو النص، ولقد ظهر العديد من الفنانين الجيدين في الإمارات حيث ظهرت مجهوداتهم واضحة في المسرح أو التليفزيون، ولم يأت ذلك غير عبر تجارب فنية ومسرحية طويلة ساهم فيها استمرار الممثل واستمرار العروض المسرحية والفنية لسنوات طوال، حسّن من خلالها هؤلاء الفنانون من قدراتهم الفنية وتعلموا من تجاربهم الطويلة واستفادوا من خبرات الآخرين، وقدم لهم أيضاً اخوانهم العرب والذين قدموا مجهودات كبيرة خلال سنوات العمل الطويلة في الإمارات، والتي أثمرت عن وجود مسرح للإمارات، ومهما كان هذا المستوى مقارنة بالدول الأخرى، ولكننا مقتنعون أن مجهودات بذلت من قبل عشاق المسرح هؤلاء، وقدموا له أفضل ما يمكن، سواء على المستوى الفني أو الإداري، وأيضاً على المستوى الشخصي لبعض الفنانين من خلال تطوير الأداء الفني وأسلوب العمل، خاصة من الاخوة الممثلين أو المخرجين وحتى كتاب النص، وإن كان عددهم محدودا ومستويات نصوصهم لم تصل الى قرع الأجراس أو تناول المسكوت عنه! ولكن هذا الاهتمام بالمسرح، وهذا الدعم الذي يقدم له، خاصة تبني واحتضان المهرجان الدائم والمستمر عبر أيام الشارقة المسرحية، لاشك في أن ثماراً سوف يقطفها المسرح في الإمارات مستقبلاً، وذلك من خلال ظهور مسرحيات جيدة وأعمال فنية ذات قيمة· ولكن علينا أن نقول: هذا النشاط وهذا العمل والاهتمام ليس بالضرورة نتائجه الآن، ولكن إن استمر هذا الجهد فإن المستقبل سوف يكون أكثر إشراقاً· وكلنا يعلم أن بعض الأعمال المسرحية، وحتى سنوات المهرجان هذه لم تكن كلها ذات نتائج جيدة، حيث تفاوتت السنوات وجودة العمل وعاب بعض السنوات الكثير من القصور سواء ذلك في النص أو الإخراج أو التمثيل، ومرد ذلك العمل على المشاركة في المهرجان فقط من أجل المشاركة أو الحصول على الدعم المادي، أو الوجود من أجل الاحتفالية، وفي بعض السنوات ظهرت أيضاً عيوب في لجان الاختيار أو التحكيم التي لم توفق، خاصة عندما اشتدت المنافسة بين المسرحيين وأصبح البعض يميل الى هذا ضد ذاك وهذا، مما استدعى الدائرة الثقافية بالشارقة الى ضبط عمل اللجان بعد ظهور تلك العيوب التي أثرت على المستوى الفني والمسرح، لذلك أصبح الاستعانة بعناصر فنية مهمة من خارج الساحة المحلية هو الحل الأمثل·· وإذا كان هذا أمراً طبيعياً في حالات المنافسة والسعي الى الفوز، فإن هذا أيضاً أثمر فيما بعد في تجويد العمل والاهتمام بالنص والإخراج والتمثيل، وأصبح الاشتراك في أيام الشارقة المسرحية هو السعي الى تقديم الأفضل، وأيضاً الاهتمام بأن يكون هناك رافد جديد في الشأن المسرحي، والعمل على وجود مسارح تقدم الأعمال الجيدة، مما أوجد التفاتة جادة الى المسرح والعمل على النهوض به، وكذلك وجود صف جديد من محبي وعشاق المسرح، وهذا ما أعتقده هو السبب الجوهري بأن يأتي مجلس دبي الثقافي ويطرح فكرة الاهتمام بمسرح الشباب، خاصة ان الأستاذ عمر غباش، معني بالمسرح وتنشيطه في هذا المجلس وهو أيضاً رئيس جمعية المسرحيين سابقاً وفنان عاشق للمسرح، وعلى دراية بأهمية أن تكتمل الحلقات وأن يكبر الاهتمام بالمسرح والشباب الجدد، وخيراً فعلوا، وان استمرت هذه الروافد تعمل مجتمعة في التفكير سوياً بأن يكون هناك اهتمام واحد في كل المؤسسات الثقافية والدوائر الحكومية والأهلية، فإن الثقافة في الإمارات على مختلف مجالاتها سوف تكون مثمرة وذات تأثير إيجابي خاصة في هذا الوقت الذي يتسابق فيه الجميع على الاهتمام بالثقافة والفن، سواء كان بتوجه حقيقي وقناعة بالعمل الثقافي والفني، أو حسب المثل المحلي (نغار من خدمة يرانا) واللي يسونه نسويه، أو عند البعض فورة ثقافية وإعلامية واهتمام بالثقافة الخارجية أكثر من ثقافة الداخل وموجة للظهور، وكما يقول المثل الشعبي: ''شوفيني يا أم هلول''!!