تقدم ليلى سالم - الكاتبة الإماراتية ـ في مجموعتها '' أجزائي المتساقطة ''، مفهوماً نسوياً للقراءة يمكن اكتشافه بواسطة اتحاد القارئ مع الأداءات السردية من أجل اكتشاف قراءة خاصة بها، إن ليلى في قصة '' الصورة الأجمل '' تحاول أن تقدم شخصية تشكل صورها عبر السفر والارتحال؛ لأن السفر من منظور الشخصية ''يقربك من شاطئ الحقيقة، وللسفر أنواع وأشكال، سفر عبر الدروب، وسفر عبر الكتب وسفر عبر الأحلام''، إنها تقدم حكايتها الإليجورية عبر العم أبو عادل، الذي لا يشغل بالأقوال، وإنما بالأفعال، فهو متأهب دوماً للسفر، ينصت إلى المدن الكبيرة والقرى النائية، وبمعنى آخر فإنه ينصت إلى المتن والهامش، مرة يسافر على قدميه، وتارة أخرى يركب الطائرة أو يبحر في سفينة، وفي كل مرة يعود ويحمل معه حكايات جديدة· إن إلحاح ليلى على ثيمة السفر قد يبدو أنه يهدف إلى التحفيز على قراءة لا تتخذ بنية حكائية نمطية، وإنما حكاية تظل باستمرار متجددة، وهي تذكر بالقراءة بوصفها فعلا انتهاكيا زمفلىَه فَّ ذُفكوىَه، كما وصفها ميشيل دي كرتيه حىكومٌ م مُّْمفِّ الذي يؤسس لقراءة مرتحلة أو قراءة بالعين المسافرة، وتعد القراءة الانتهاكية تساؤلا داخل النظام المفروض، لتحريره من أصوله، وإبداع شيء لم يكن معروفا في فضائه المنظم، وهذه المؤسسة التي تقوم بذلك ترى أن القرّاء باستمرار خاضعون ومستهلكون للفن داخل النظام المفروض، ولا تسمح لهم باجتياز الحدود· كان العم أبوسالم يبحث عن الصورة الحقيقية للوجوه، لكنه بعد غياب طويل في السفر لاكتشاف الحقيقة، يعود، ويعثر عليه ميتا في فراشه، وهو مبتسم؛ لأنه لم يكتشف الصورة الحقيقية، لكنه غادر وهو سعيد، وهكذا فالقارئ الفضلة يشبه العم أبوسالم، لأنه يظهر بوصفه تابعا للسرد النسوي، وعن طريق ردود أفعاله التي يتخذها بواسطة الأداءات السردية يكتشف قراءته المتبدلة من نص إلى آخر، وليلى عن طريق العم أبوسالم كانت تحاول أن تقاوم الأفكار اليقينية والجوهرية عن السرد النسوي، ذلك لأنها غير موجودة في عالمنا هذا، على الرغم من وجودها عند كثير من القراء المخترقين بالبعد الأبوي وهم يقرؤون السرد النسوي في الإمارات، ففي قصة ''الاحتلال''، تظهر شخصية تحاول أن ترسم صورة المرأة، صورة لا تعترف بالحدود والهوية اليقينية، وتظل الشخصية تخفق في إكمال الصورة وملء البرواز، لكن شخصية أخرى تتدخل فتنمّط صورة المرأة، وتضع في البرواز الفارغ صورة لوجه أنثوي منمّق، تكشف أسنانه عن ضحكة جافة، وجلد مصبوغ بالعديد من الألوان، ثم تعلق الشخصية الأولى قائلة: '' وهكذا أمست بلا ليلى حكايتي ولوحاتي''· تقول الشخصية هذا الكلام على الرغم من أن وجود المرأة في البرواز وجود مكتسح، وعلى الرغم من ذلك تظل غائبة، وكأن ليلى تحاول أن تقاوم القراءة المعتمدة على التنميط واليقين المبالغ فيه· (النصوص الواردة في النص من أجزائي المتساقطة،دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2005 ) العنوان البريدي ali@althkerah.net