أزور برشلونة في مناسبة انعقاد المؤتمر السنوي الأكثر أهمية لتقنيات الهواتف (موبايل كونغرس 2019)، والذي يعد حدثاً سنوياً بارزاً لابتكارات الذكاء الرقمي، ومنصة لآلاف الشركات المشغّلة حول العالم، كما يعد استثماراً سياحياً شتوياً في إقليم كتالونيا، يستقطب الشباب خصوصاً من أوروبا القريبة وشمال أفريقيا.
أكتب انطباعاتي عن التظاهرة والمدينة والصناعة، أولها مشاعر غبطة لبرشلونة على حجم المؤتمر وأهمية الحضور، وأطمح أن أراه ينتقل من سواحل البحر المتوسط، إلى ضفاف الخليج العربي، هنا في الإمارات، وفي فصل الشتاء، حيث نستضيف تظاهرات عالمية لا تقلّ أهمية وشهرة، ولدينا خبرة ثرية وطويلة في التنظيم، وبيئة سياحية منافسة، والطقس أقل برودة من عاصمة كتالونيا، أو أن نُشيد منصة مشابهة، فلدينا إمكانات يجدر استغلالها، من أبرزها موقعنا بين أسواق آسيا القريبة والبعيدة، واهتمامنا المؤسسي بالثورة الصناعية الرابعة.
اختار المنظمون «الاتصال الذكي» شعاراً للمؤتمر، أما قضيته الأساسية لهذا العام، فهي تقنية الجيل الخامس للاتصالات «جي 5»، التي ستوفر حلولاً ثورية للاتصال في العقد المقبل، على صعيدي المعلومات والترفيه، بسرعة وسهولة كبيرتين، وسط توقعات أن يكون هناك 1.4 مليار مستخدم لـ «جي 5» بحلول العام 2025، وعلينا أن نتخيل مستقبل هذه الصناعة عموماً، ونفاذها إلى الأجهزة المتصلة بكل شؤون حياتنا في عصر «إنترنت الأشياء».
المذهل لنا كمستخدمين هو مستوى التطور التقني الهائل في إنتاج وتطوير الهواتف المتحركة، في (موبايل كونغرس 2019). شركتا «سامسونج» و«هواوي» طرحتا هواتف جديدة على قدر عال من المرونة والقابلية للطي، وفي الوقت نفسه تتوافق مع ثورة «جي 5»، ما يضع الخبراء أمام استحقاق تحليل سوق المستقبل القريب، فالتنافس الاستهلاكي على اقتناء الهواتف المتطورة بات جزءاً من التعبير الاجتماعي عن نتائج العولمة ومآلاتها.
إماراتياً، حضرت شركتنا الوطنية «اتصالات» بفاعلية في المؤتمر، وحازت جائزة أقوى علامة تجارية في قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط، في أعقاب وصول قيمة علامتها إلى 8.3 مليار دولار (نحو 30.4 مليار درهم)، كما اختارت شركة «إريكسون» شريكاً استراتيجياً لتوسيع نطاق تقنية «جي 5» في الإمارات، وكذلك في مناطق عمليات «اتصالات» في السعودية ومصر والمغرب وأفغانستان وباكستان.
يبقى أن «اتصالات» ستتوسع في شبكة الجيل الخامس في غضون شهور قليلة، وتدعم مشاريع الإمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفرص الثورة الصناعية الرابعة، فيما نتطلع نحن المستهلكون إلى جودة أفضل، وأسعار تنافسية.