حكومة ذكية.. حكومة فاعلة
مضى زمن، ومن بعيد، كنا لا يسعدنا عمل الوزارات الاتحادية، لأن وضعها كان مهلهلاً بدءاً من مبانيها القديمة والتي تشبه البيوت الشعبية، والمقسمة بـ«جينكو وبليوت» وضجيج مكيفات النوافذ، وليس انتهاء بخدماتها التي تسير بإيقاع عمل القطاع العام، أنتجت أم لم تنتج، الراتب مضمون آخر الشهر، كما كان لا يسعد الكثير العمل فيها لتدني رواتبها، والموظفون كثيراً ما يشبهون عمال المناجم، وترقياتهم تمضي عليها السنوات حتى يتذكرهم أحد، كانت في معظمها تسير بالعافية، وإذا ما حظيت بمعرفة الوكيل، أو تأشيرة الوكيل على معاملتك، كان الوكيل فيها يحلّ ويربط، والفراشون من كثرتهم يسهلون الأمور للمراجعين أكثر من الموظف المتثائب، والواسطة في كل مكان، وفي كل شيء، الوزير داوم، وإلا ما داوم، الأمور تمشي بالبركة، ليس هناك من جهاز تدقيقي عليهم، كانت الظروف تختلف، والمبررات عديدة، والتحديات قليلة، حتى جاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، على رأس الهرم الوزاري، فقلبها، وضخ فيها قوة وأملاً لا ينتهي، ووضع أهدافاً ومؤشرات للنجاح، وطرقاً للمراقبة والمحاسبة مرئية، وغير مرئية، حركها نحو الأفضل، ونحو المستقبل، وجعلها تنزل من برجها العاجي إلى الناس، يذهبون للمراجع ويذكّرونه قبل أن يحل وقت مراجعته لمعاملته أو ملفه، لأول مرة تعرف الوزارات الاتحادية الحواسب الذكية، والتقانة الحديثة، وتسأل عنك، ولا تنتظر أن تسأل عنها، وتذل نفسك كمراجع لمراجعتها، نزل الوزير لأرض الواقع، واختفى الوكيل من الوزارة، وبذلك خفت البشوت وبقيت للرسميات، وخفت تلك البشوت التي تراجع متوسطة أو ساعية لمناقصة أو عطاء، في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، كرئيس لمجلس الوزراء، بدت الوزارات الاتحادية صديقة للبيئة، وتعلق الناس بخدماتها، وتابعوها في عصفها الذهني أو في خلواتها السنوية، وكأنهم جزء منها، وهي جزء منهم، في عهد سموه الميمون، اختفى ذلك «الإعلامي الناطق، والصحفي المستكتب» واختفى خطابهما الذي يبدأ دائماً «في إطار التوجيهات السامية»، ليخفي فشل وتقاعس وتقصير موظفي وزارته، لأول مرة نرى وزارة اتحادية لديها خطط غير خمسية نائمة، بل خطط مستقبلية، واستشرافية، ورؤى، وحسابات مدروسة، مبنية على استبيانات من واقع الحال المعاش، ومن حاجة الناس، ومن الضرورات الملحة، رأينا في الوزارة الاتحادية معنى آخر للعمل الوطني، ومعنى آخر للتحدي، ومعنى آخر للتسابق مع النجاح، أقول كل هذا الكلام من عفو الخاطر، وبمناسبة القمة الحكومية المنعقدة في دبي، «كنا وين، وأصبحنا وين»، ولا أخفي أن أسجل شكري وتقديري في هذه السانحة لسمو الشيخ منصور، وسمو الشيخ سيف، فقد ارتقيا بمؤسساتهما ومسؤولياتهما «الاتحادية والمحلية» درجة تشعرك بالرضا، وتعطيك أملاً مختلفاً في الأداء الحكومي المستقبلي، دون بخس بقية الوزراء حقهم في الاجتهاد، لكن العلامات المضيئة دائماً وراءها شخص مميز.. وفقط!
amood8@yahoo.com