فواحش الزمن الرديء
ارتكاب الفواحش وسيلة الفاشلين وحيلة الفاقدين وأسلوب من أساليب النقمة على المجتمع.. فأن يقدم شخص على اختطاف طفلة ثم اغتصابها، ثم تقطيعها إرباً ثم رميها في المزابل، فهذا يعني أن هذا الشخص يعاني من عصاب قاهر، كاسر، لا حل له إلا البحث عن أسباب المشكلة الكامنة، وفي الآونة الأخيرة تفشت هذه الظاهرة واستشرت وصارت وبالاً على الأسر والمجتمع، ولازم الناس الخوف على أطفالهم من الذئاب البشرية التي جف معين العاطفة لديها وصارت أشبه بكائنات بلاستيكية عجفاء رجفاء.
مجتمعنا مفتوح والعلاقات الإنسانية بسعة الفضاء ورقعة الأرض، لذلك فلا بد من وجود التلوث مهما حاولنا من البحث عن العلاجات الناجعة والناجزة، الأمر الذي يتطلب من الأسر وأولياء الأمور توخي الحذر والاحتراس من هذا الافتراس، والحفاظ على فلذات أكبادهم بكل ما أوتوا من وسائل تربوية وتحذيرية، فلا أتصور أبداً أن يترك أب أو أم، طفلاً أو طفلة ذاهباً إلى البقالة المجاورة للمنزل بمفردها أو بمفرده، دون حسيب أو رقيب، ولما تحصل الفاجعة الأليمة يبدأ الصياح وترتفع الأصوات في لعن الجريمة والمجرمين، فلا بد أن يفهم أولياء الأمور أن الذين يديرون البقالات هم من رجال عزاب فارقوا الأهل والبلد ويعيشون هنا بلا أهداف حقيقية، لذلك فلما تتاح لهم الفرص في ارتكاب الجريمة، فإنهم لا يتوانون ولا يخافون ولا يتورعون من فعل كل ما هو مناف ومجاف للدين والأخلاق.
وأغلب الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال هي نتيجة مباشرة لإهمال الأهل ونومهم في العسل بعيداً عن حركة الصغار، فعندما تشاهد رجلاً آسيوياً يقتاد طفلاً أو طفلة في سن الخامسة أو السادسة إلى المدرسة في غياب الأهل، فأنت لا بد وأن تضع الاحتمال الأول، وهو أن ما يجري أمامك هو مشروع لجريمة قادمة لا محالة، لأنه لا شيء يقف حيال ذلك السلوك الشائن ولا قوة يمكن أن تمنع ما يدفع هذا الرجل الغريب في تنفيذ ما يمليه عليه الضمير الغائب.. فالجريمة بدايتها على يد الأهل ونهايتها بفعل شيطان رجيم، سخرت له كافة السبل لأجل أن يفكر ويدبر ويعمل ما يفعله ثم يذهب بعيداً فلا عين رأت ولا أذن سمعت وإن فاحت الرائحة فلا جدوى من النواح والنباح، فالجريمة تمت والضحية سفكت وانتهكت، والقانون لن يلاحق غير خيوط مهترئة وقضية توزعت دفاترها بين عدة أيد.. إذاً نحن بحاجة إلى إعادة صياغة مشاعر أولياء الأمور تجاه الصغار، ونحن بحاجة إلى بناء جسور جديدة تحدد خطوط السير في هذه العلاقة التي منها وإليها ومن خلالها يبني المجتمع صحته وعافيته.. فأب ضالع في الغياب وأم تعيش حالة بلا استتباب عاطفي لا يستطيعان أن يمنعا الجريمة مهما قويت شوكة القانون.
علي أبو الريش | marafea@emi.ae