يوشك العام ان ينجلي نحو الأعوام التي غدت وتوارت تحت جنح الزمن، يوشك على النهاية ـ والبقاء للعالم ـ كي يسطر الحب من جديد نبضا آخر يبدأ سريانه في خلايا الجسد ضوءا آخر يسطع بالأفق، يستقرئ من حكايات الحياة مواقف وطرائف.. كان عام 2012 من الأعوام الأكثر إثارة فأرادها من أراد نهاية العالم مما جعلهم تتلاشى بهم المسارات الى قرى صغيرة وجبال.. أرادوا بمعتقداتهم ان يطلوا على النهاية الأليمة من نوافذها الصغيرة، هكذا هي الخيالات تنثر ملح الحياة وتفجر الرؤى وتسطر رونقا آخر لفضاء أجمل. يوشك العام ان يطل من ثقوب النهاية فيبدأ يجر ما تبقى من مكوناته وحصيلة أمره، يحمل طقوسه السنوية ويذهب إلى منتهاه.. يذهب أمام مرأى من بداية أخرى تنتظر وكأنه قد اختزل الزمن الآتي بالفرح، ذلك الزمن المؤجل، تلك الذكريات القريبة والممهدة بنبض الغموض الآتي من الحياة.. صور أخرى باهتة تولد من جديد، نظرة واجمة تغلف الأمس البعيد، فهناك كبوات شقية ومؤلمة لا يودها العالم ان تمثل مرة أخرى، وهناك ثمرات جميلة يحلو لها المدار ويصفو. كالعادة البداية تثير الفضول، ففي بداية العام أتذكر جيدا حين كنت أقف على حافة البحر الذي كان يداعب بموجه سحر مدينتي الجميلة أبوظبي، كنت أحمل آلة التصوير والتقط الصور من وحي يوم بكر، كانت المدينة كأنها طفلة تولد من جديد، وحالة غريبة للبشر كأن أنهكهم السهر وبدوا قلة وهم يزحفون ببطء شديد، يجرون أرجلهم كما لو أن العام الجديد بدأ يدفع بهم منتشيا بالأمل، خطوات متشردة مكسوة بالتيه تنسج الساحل الممتد، ضوء الشمس يخالط الصمت ويبرر السكينة..?هدوء البدء المعتاد من شدة ولعه يحاول أن ينسج الحياة من جديد، وبشيء من الغرابة او الغموض يسطر حروف الاحتفاء المملوءة بالرؤى، فالإنسان محور الكون يضيء كيانه بتلك الغرابة.. بالأمس القريب أقدم على محاولة القفز من خارج الفضاء.. إنها ثقافة الانسان التي باتت لا تنحسر ولا تخفق لها الحياة، فالمحاولات مستمرة لاختراق الزمن والانتصار على الحياة بشتى الطرق، لا يأس أمام صهر الصوت وتجويف المعضلات وتسطيح القوى والعمل على انهيار الأسس وتحجيم القيم التي باتت مجرد سجل من الماضي، لم تعد الأمم تنشد أخلاقها. أمام ذاكرة الحياة ننسج القادم بالأمنيات، وهي لست بقليلة، فكلما أطل العام ذهبنا لكي نفتش عن الأمنيات المتفرعة ما بين شخصية وعامة ذات كينونة مشتركة تجسدها الأعوام المستمرة والمتجددة، وأخرى يحلو للبشر ان يرسموا ملامحها باعتبارها آمال ذات لغة مشتركة وذات روح واحدة تنطلق منها الحياة، فكل الأمنيات تهب الإنسان الإستمرارية وتهبه العطاء والتجدد وتمنحه كل مقومات الانتصار على معضلات الحياة، فمن خلال الأمنيات يستمر الإنسان ولا يتراجع ولا ينصهر بل يثمر كالشجرة من جديد.