منذ أن أعلن الفنانون السود نيتهم لمقاطعة أهم مهرجان سينمائي، نتيجة لتجاهلهم في لجان التحكيم، ونعتهم لمهرجان هوليوود بأنه «أبيض»، حتى سارع المنظمون، وأرضوهم بعدد من أعضاء التحكيم، وزيادة فئة المرشحين، وهذه المرة ألقت السياسة بظلالها متحيزة للقضايا أكثر من الفن، حين فاز فيلم «الخوذ البيضاء»، للمخرج «اورلاندو فون اينسيدل» الذي يتحدث عن الدفاع المدني الناشط في مناطق وأحداث سوريا، وعملهم المحفوف بالمخاطر، بجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي قصير. الرئيس «ترامب» كان حاضراً بقوة في كل حديث ونكتة، وعتب ولوم، تتزعمهم الممثلة الجميلة «ميريل ستريب»، التي خاصمت أيضاً المصمم المتصابي «كارل فيلد» الذي نزع عليها فرحتها، وفستانها، لكن يبقى لكل مهرجان «كواليسه»، وثمة أشياء كثيرة تحدد هوية جوائز كل عام، ولا شك أن للشركات الكبرى المنتجة، وبذخ الإعلانات رأيها. في هذا العام حيث يقام حفل «مهرجان أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية» في نسخته التاسعة والثمانين في موعده، ومكانه على مسرح «دوبلي» والذي كانت تملكه سابقاً الشركة العظيمة «كوداك» قبل أن تباع بتاريخها، حدث خطأ قاتل أمام الملايين من المشاهدين حول العالم، حين أعلن عن فوز فيلم «لا لا لاند» بجائزة أوسكار أفضل فيلم، فظهر منتجو الفيلم، وشكروا المهرجان والقائمين عليه قبل أن يتم تصحيح هذا الخطأ المميت للجميع من منظمي المهرجان للمنتجين والمراهنين وطواقم الفيلمين، وحتى المشاهدين، وتذهب جائزة أفضل فيلم لـ«مون لايت»، وهو أمر أفرح مخرجه الأسود «باري جينكنس»، لكن ما أحزنه أن ذهب أوسكار أفضل مخرج، لمخرج الفيلم الاستعراضي المنافس بقوة، «لا لا لاند»، والذي ترشح لأثنتي عشرة جائزة، وهو أمر توقعته، وراهنت عليه، عرباً وأجانب، من باب التسلية، حيث لا قبض في اليد إلا الريح، «داميان تشازيل» فاز بجائزة الأوسكار، مسجلاً رقماً جديداً، حيث يعد أصغر مخرج عالمي يفوز بجائزة الأوسكار. حظ السينما الإيرانية ما زال قوياً في كل المهرجانات الدولية التي تشارك فيها، وهذا أمر ليس بالجديد عليها، فالسينمائيون الإيرانيون ما زالوا يجالدون من أجل بقاء السينما الإيرانية حرة ومتطورة، وبعيدة عن التشدد، وقريبة من الانفتاح، ومعالجة أمور المجتمع الإيراني بعمق، وجلهم ممنوعون إما من السفر من إيران أو الدخول إليها، فقد فاز فيلم المخرج «أصغر فرهادي»، «البائع» بجائزة أفضل فيلم أجنبي، وسبق له في عام 2012 أن فاز فيلمه «الانفصال» بأول أوسكار، هذه المرة ألقى «فرهادي» بسلاح السياسة، وقاطع المهرجان، قائلاً: «لم أحضر تضامناً مع الشعوب التي لا يحبها ترامب»، وأستبدل ليلته بعرض مجاني لفيلمه الفائز «البائع» في ساحة «الطرف الأغر» في لندن.