لم يتبق من هذا العام الذي نعيش فيه إلا سويعات، مضى ومضت أيامه، ربما كانت سريعة أحياناً، لكنها كانت بطيئة أغلب الأحيان الأخرى. عام مضى تغير فيه العالم كله، كوارث على كل المستويات، الطبيعة التي لم تعد هادئة جميلة، والحرارة التي ترتفع يوماً بعد آخر، والأعاصير التي صارت تقترب من الجزيرة العربية وتضرب شواطئها بين فترة وأخرى. عام تغيرت فيه الخريطة السياسية لدول قريبة منا، عام شهد ثورات وانتصارات وسقوطاً ونهضة، تغيرات كثيرة تحتاج إلى تغيير منهاج كتب التاريخ لسنوات أخرى. عام لم يكن عادياً، بل كان غير استثنائي بمختلف المقاييس. لا أعلم لماذا.. كل من سألتهم عن إنجازات هذا العام أخبروني أنهم لم يحققوا فيه الكثير، مضت حياتهم مترقبة، وضعوا طموحاتهم على رفوف التأجيل، يبدو أن التوتر عصف بكثيرين وأجل أحلام أغلبية أخرى، البعض خانه الوضع المادي، وآخرون خانتهم ظروف أسرية، كثيرون وجدوا عقولهم غير مستعدة للإنجاز، صمتوا.. استكانوا.. ولم يحققوا شيئاً. أن يمر عام من العمر من دون إنجاز، أمر ليس بالهين، ولا بالسهل، فالأيام ليست عبثية، ومضيها علينا ليس دائماً ولا أبدياً، لها نهاية مجهولة ولكنها واقعة لا محالة، كيف نترك أيامنا في مهب العمر تطير، بلا إبداع ولا هدف، ولا طموح نجاهد للوصول إليه. حين نودع عاماً من عمر السنين، نود لو أننا نلتفت سعداء إليه، نودعه بعد أن حققنا الكثير من الأشياء، كسبنا خبرات جديدة، التقينا بأشخاص زادوا حياتنا بهجة وسعادة، أو وطدنا علاقتنا مع أناس نحبهم، تعلمنا شيئاً لم نكن نعرفه، انخرطنا في دورات معرفية، أو زرنا بلداناً بعيدة، أو رفعنا رأس المال الذي نملكه، أو احتفلنا بمولود صغير يملأ الدنيا فرحاً، المهم أن يكون هناك إنجاز يربط هذا العام بالفرح في أذهاننا، لا أن نتذكره بحزن ونقول إننا لم ننجز فيه شيئاً يستحق الذكر. عام من العمر مر، محسوب ومحاسب عليه، وعام جديد قام سيشرق بعد ساعات قريبة، نحاول أن نتصالح فيه مع أنفسنا، وأن نعقد آمالاً عريضة عليه بأن يكون بداية جديدة، ننفض فيه حزن العام الراحل ونجدد فيه عهود طموحاتنا التي نريد تحقيقها. هذا العام سيكون إن شاء الله أجمل وأفضل، ستشرق فيه شمس الفرح لتغطي الكون، وستبتسم فيه القلوب التي أثقلت بالحزن على مدى العام الماضي، وأول خطوة لنصل إلى أهدافنا هي أن نرمي جراح النفس القديمة وراء ظهورنا، وأن نحاول التعاطي مع هواجسنا بتفاؤل ونظرة جديدة عسى أن تكون اشراقة عام 2012 بداية أخرى ترفع معنويات المحبطين، وتغسل هموم المتعبين، وتعيد المعنويات إلى أوجها كي نشعر بالسعادة وبفرحة الإنجاز.. وكل عام وأنتم بخير.