تعيش الفجيرة أسبوعاً من التألق الفني، والبريق الثقافي من خلال مهرجانها السنوي، وتوزيع جوائز الشيخ راشد للإبداع الثقافي والمعرفي في تسعة مجالات تغطي أنواع الإبداع الأدبي العربي، القصة القصيرة، ورواية الشباب، والرواية، والشعر، والنص المسرحي، والدراسات والنقد، والرواية الإماراتية، وأدب الطفل، حيث تبلغ القيمة المادية للجوائز 545 ألف دولار، بالإضافة لطبع المنتج الأدبي الفائز، وترجمته، والمساهمة في توزيعه، مما يحقق الانتشار للكاتب العربي، والكتاب العربي المترجم، وقد كان لي شرف أن أكون رئيس لجنة المحكمين في الرواية الإماراتية التي شاركني فيها الأستاذ «علي أبو الريش» و«د. شاكر نوري»، وقد أدهشتني شخصياً النصوص المقدمة من الروائيين، والروائيات الإماراتيات بالذات، وقد كنت لا أعرف جلهم، وإن عرفنا كلجنة الاسم، غيبنا اسم الرواية لمزيد من الموضوعية والمصداقية، حتى كنت أشك أحياناً، وهو شك إيجابي أن هذه الرواية منبعها من ابن أو بنت الإمارات، لأن بعض الروايات جوها العام الأفق العالمي، وبعضها المكان مغيب، لكن اللغة الجميلة حاضرة، لقد كانت هناك ست روايات يصعب أن تستبعدها من القائمة غير أن ضرورة الاختيار حتّمت علينا أن نختار ثلاث روايات فائزة، مع توصية بطبع الروايات الست لأنها تستحق بجدارة، لدرجة شعرت فيها والإخوة أننا محظوظون هذا العام بهذا الإنتاج المثمر والقيّم، وولادة روائيين إماراتيين جدد سيغنون الساحة الثقافية، ويتركون بصمتهم على المشهد الثقافي في الإمارات.
جميلة هذه الروايات الفائزة ترتيباً: رواية «أياز»، رواية «تراب السماء»، رواية «أحد ما يطرق السماء»، رواية «فيروزة»، رواية «كانت لك أسنان»، ورواية «أغمق قليلاً من لون البحر»، وللأمانة وحتى بعد إعلان أسماء الفائزين تعمدت حتى الآن ألا أسمع الأسماء، ولا أعرف منها إلا اسمين من الأسماء الستة، لقد كان النص حاضراً، وفارضاً نفسه، والروايات الست جميلة في طرحها، متساوية في المحاسن والأضداد، متقاربة في مستويات السرد والتجريب واللغة وعمق التناول، والغوص في المسكوت عنه في تفاصيل المجتمع وحياة الناس، وجرأة في التعاطي مع الموروث.
أتمنى على الجائزة الرائعة، والتي تزداد أهميتها عاماً بعد عام، ولكي تتميز وتتفرد عن بقية الجوائز الثقافية العربية الأخرى، كما تميزت بقيمتها المادية، ولأنها رافد حقيقي للأدب والثقافة، ووجه جميل من وجوه القوى الناعمة للإمارات ألا تكتفي بما تقدم يوم الاحتفال من توزيع الجوائز وتوديع الفائزين، بل تتبنى الفائزين ونتاجهم، وإشراكهم في الندوات ومعارض الكتب وتقديمهم سفراء للجائزة، وطباعة كتبهم لدى دور نشر عربية وأجنبية مرموقة، لضمان التوزيع الجغرافي للكتب.. بحق كانت أجمل ليلة في الفجيرة.