تابعت بعين من الفضول نقاش بعض السيدات في المنتديات الإماراتية الإنترنتية حول موضوع جديد صرن يتجادلن فيه ليل نهار، هو موضوع المطالبة براتب شهري لربة المنزل. ومع أن هذا الموضوع سبق وأن طرح قبل عدة سنوات في منتديات الإنترنت الخليجية، وتصاعد في الدول حتى وصل إلى تحت القبة البرلمانية قبل أن يقابل برفض شديد، إلا أن من طرحنه هذه المرة جئن باقتراح جديد ابتكاري، هو أن يتم صرف هذا الراتب باقتطاع مباشر من راتب الزوج! تحاول صاحبات هذه الفكرة طرحها في قنوات الاتصال الإلكتروني من فيس بوك وتويتر وكلهن اقتناع بأن ما يطلبنه حق مشروع وأن الدولة يجب أن تدعم هذه الفكرة. لاحظت أيضاً وجود أصوات نسائية معارضة للموضوع، لكن وكعادة النساء قوبلت هذه الأصوات بالهجوم الشديد بدعوى أن صاحبات الرأي الآخر ماهن إلا رجال اندسوا تحت أسماء نسائية، وأن من لا تساند صاحبات الاقتراح يجب أن تلزم الصمت، وأصبح النقاش حول هذا الموضوع يندرج تحت بند “ إن لم تكن معي.. فأنت عدوي”. لا أعرف الظروف التي حدت بصاحبات هذا الاقتراح إلى طرحه، لكني أظن أن مثل هذه الأفكار لن تكون إلا حبرا على ورق أو مجرد “كيبورديات” في منتدى، وليس هذا تهميشاًِ للفكرة أو تقليلاً من قيمتها، لكن لأن مثل هذه الافكار تحتاج لما هو أكثر من مجرد قرار. في الماضي تمحورت الفكرة حول أن تدعم الدولة السيدات ربات البيوت برواتب شهرية، ولأن هذا الأمر يسبب هدراً للمال العام ويدعو للبطالة، خاصة أن الكل يود الجلوس في منزله والحصول على راتب شهري، تحولت صاحباتها إلى طلب اقتطاع شهري مباشر من راتب الزوج إلى زوجته الجالسة في المنزل، وهو الأمر الذي يمثل إجحافاً بحق الرجل في راتبه أو حتى في قوامته بالإنفاق حسب سعته. هذا الاقتراح الجديد “يزيد هرمز ملح” ومن يناصره ويؤيده لا يفكر بأكثر من المال والمادة، لأن إلزام الرجل الإماراتي باقتطاع جزء من راتبه لزوجته سيجعله يفكر مليون مرة قبل أن يقترن بإماراتية وبالتالي يرفع نسبة العنوسة والزواج من أجنبيات، ويزيد نسب الطلاق المرتفعة أساساً لأن النفقة بحكم المحكمة لسنوات معينة يكبر بعدها الأبناء أرحم من راتب إجباري مؤبد على الزوجة. فوق هذا كله، يبدو طلب راتب للزوجة فكرة جيدة لو أنها أم لأكثر من أربعة أطفال ولا تستقدم خادمة للعناية بهم معها، أو أنها أم لستة أطفال وتلجأ لخادمة واحدة فقط، أما أن تكون هذه الزوجة أم لطفل واحد ولديها خادمة وتريد راتباً فهذا والله العجب. هذه الفكرة وشبيهاتها ليست إلا فقاعات هواء تتصاعد لفترة، وتنم عن تغليب المصالح الشخصية على استقرار المجتمع، كما أنها تصلح لسوالف “شاي الضحى” أكثر من التطبيق في المجتمع.