لا أعرف لماذا تحدث دائماً معي أمور، وكأنها مفصلة على قدي؟! تقول أتقصدها لأكتب عنها، لكنها والله تتأتى هكذا ولوحدها، فمرة كان عندي هاتف في غرفة النوم أيام التلفزيون الأبيض والأسود، جان تحيدون، وكان رقمه بالصدفة التي عرفتها فيما بعد، يشبه رقم تاكسي الغزال، فسبب لي مشكلات خاصة في الليل الطويل، وحينما أكون أسبح في أحلامي الوردية، وأتقلب على جمر الغضا، وفجأة أصحو على رنته التي تشبه رنة دراجة هوائية، صنع الصين، وعلى ألسنة ثقال، وتهتهة، وناس مبسوطين وطيبين، حتى يسمعوا ردي بأن الرقم غلط، حينها تتغير اللكنة إلى لكمة، فتسمع صريخ ''خيالي الخيل·· اللي ما يباتون الليل'' عقبت يا معثور· ومرة حصلت على رقم موبايل مميز جداً بعد شق الأنفس، ولم أكن أعرف أنني سأصاب بالشقيقة منه، فواحد يتصل يريد فرقة مالد، لأنه مختن ابنه البكر، وواحدة تستعجل فرقة الطيران التي تأخرت وخطارها أكلوا العشاء وبيروحون لبيوتهم، فعرفت أن الرقم يشبه رقم متعهد أفراح وفرق شعبية ومطابخ للأعراس، وشغل محنّيات ومقرّصات ومفقّعات للمكسار· ومرة بين الظاهري والظواهري، فيسمعها الناس ويتجافلون منك، ومن هالشيفة، والكل يشك في نواياك، ولا واحد منهم يترحم على والديك طبعاً· وآخر هذه الأفراح ما لصق بنا من التزامات جراء حماسة اللحظة، وشجاعة آخر الليل، حين اعتزا أحدهم جراء دق الطار ورنّة الجاسر، وصرخ من فرح فوز المنتخب بكأس تغلت وتدللت ثم أتت متأخرة، ولكنها جميلة، فرمى الطوق بيده فوقع على رقبتي، وليته طوق نجاة، فقلت في نفسي لو أن العرب يحلون مشكلة تشابه الأسماء ليس باللبوقة فقط، ولكن على الطريقة الإسبانية وشعوب أمريكا اللاتينية الذين يضعون اسم الشخص واسم الأب وأخيراً العائلة ثم يحشرون اسم الأم في الوسط، لذلك تجد أسماءهم طويلة ومتشابهة كلها خوسيه وأنطونيو، فقط اسم الأم مختلف، حاجات خفيفة شغل كنائس مثل ماريّا وتيريزا، فتذكرت أن معظم العرب على شاكلة تأبط شراً، ويتحزمون بخناجر يعربية وعُمانية ويمنية حول الوسط، فلا يمشي مع وضع اسم أمه في وسط الأسماء، لأن العربي من يسمع اسم أمه مرة أو مرتين في الشارع، ما بيرجع البيت إلا وشاتر بطن وإلا حاز رقبة، وقلت تتشابه الأسماء مع عرب مثلك، لن تتعدى إلا إلى التبرع للمنتخب الفائز بكأس الخليج، وهو أمر أخيّر من أن تتشابه مع أسماء من أمريكا اللاتينية، لأنها كلها تهريب حشيش وكوكايين وأسلحة· المهم من عرفت سهيلة أنني لست المتبرع، ولم أخَرِّيّ غوازيّ ابلاش، بدأت بسياسة الخطوة خطوة، فزاد تقربها، ورق حالها، وذرب لسانها، وزاد مدحها، وكثر توددها، وتحسن طبخها، على أساس أن المبلغ في مخباي، وتريد منه ولو بالنصيفة على الأقل، وحين وجدت الأذن الصماء، قالت:'' إنزين شو بسويبها هالغوازي؟'' قلت لها:'' لو عندي مثل هذاك المبلغ، جان ما تبرعت به للمنتخب، لأن المنتخب أحبابه كثر، بتبرع به للمنكوبين، مثل اتحاد الكتّاب وإلا جمعية الصحفيين، وإلا للمسرحيين، هاذيلا يستاهلون وما أحد يدريبهم، وشوه يجاسون'' قالت:'' طيب أنا ما أريد أسهم مصنع الجلود في كندا، ولا أريد أسهم شركة الأوفشور في بيليز، أنا عجبتني سندات تشيز منهاتن، هاي أريدها وسجلها باسمي'' فرديت عليها غاضباً:'' أنبوك أنت ما صدقتي·· ما تشبعين من الأكل·· تشيز منهاتن هذا أكل، ونحن نسويه ومشتركين فيه دفاعة بلاء عني وعنك، وعن عيالك هالمتان اللي ظاهرين عليك·· فقدتج أنت وياهم'''' نعم·· نعم·· ما سمعت'' قلت لك:'' فقدتتتتتج·· يا أعز الناس''· فصهلت سهيلة مرتين: مرة ببراءتي من التبرع، والمرة الثانية يوم سمعت جملة الجسمي الأخيرة·