بين عنوان جريدة «الاتحاد» في عددها الأول الذي طبع في بيروت حينها، والذي حمل عنوانها الرئيسي: «مرحباً برواد الاتحاد»، ويعني الرواد المؤسسين لدولتنا الفتية، وبين احتفاء جريدة «الاتحاد» بروادها، ممن مروا عليها خلال الخمسين عاماً، وعاصروا نهضتها وتطورها، آمالها وأحلامها، من رؤساء ومديري تحرير، تاركاً كل واحد منهم شيئاً من فكره وتعبه وحبر مداده، ماهراً المكان بأشياء من ظلاله ودفئه وعلاقاته الإنسانية والمهنية...
كانت صباحية جميلة بكل المقاييس، عابقة بأشياء من الخير والمحبة تذكر، غاصة بالحنين لأمكنة «الاتحاد» الأولى، النشأة الأولى، والحبر المبكر نحو ريادة ستتسيد وتترسخ في خدمة الوطن، كانت صباحية وردها زملاء «الاتحاد» الأولون، ولأشياء بينهم لا تنسى، وتذكر، كان سيد الحضور، وأكبرنا قدراً وعمراً، «د. عبدالله النويس» الذي كان له فضل كبير في رسم «الاتحاد» الجديدة بمفهومها الصحفي، والمهني الحديث، وكوكبة جميلة ممن عملوا معه أو بعده من زملاء وأصدقاء الوجع والحرف وسهر الليالي من أجل كلمة صادقة وشريفة تخدم الناس والمجتمع والوطن.
كانت بالأمس «الاتحاد» منزلاً غامراً وعامراً بتلك المحبة التي خبأتها لروادها، أولئك الذين لم تنسهم في عز فرحها، وعرسها الجديد، كما كانت دائماً سنداً وعوناً وفرحاً يومياً لهم ولقرائها، واعدة الغد بشيء جديد، وبشكل جديد، وبأفق يخرج من القرطاس إلى الإعلام الرقمي والمرئي والحدثي السريع.
عادت «الاتحاد» بشكل قديم جديد، ثوب الجلال والهيبة، وثوب المهنية التخصصية، ثوب متجذر وتأصيل باق، عادت بملاحقها المتخصصة، والنافعة والضرورية، بتلك الصورة الكبيرة والمدروسة والمعبرة، والتي قد تحتل صفحة بكاملها، والتي كان صاحب الفضل الأول في طرحها لأول مرة في الصحافة العربية، ومن خلال جريدة «الاتحاد» بهذا الشكل الجديد حينه، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، حين كان يقود المسؤولية الإعلامية، وكيلاً ووزيراً.
كل الشكر للقائمين على «الاتحاد» إدارة وتحريراً وإخراجاً فنياً على الجهد الكبير في هذه النقلة النوعية، هي قفزة نحو الأمام، ونحو الأفضل، ونحو التجديد، والشكر موصول على ما قاموا به في صباحية الأمس حين دعوا رواد «الاتحاد» ليروا بيتهم القديم، وكيف أصبح جديداً ومتجدداً، شكراً لدفء الاستقبال، ولتلك المحبة التي جئنا بها، وودعنا بأكثر منها.