ليس تقليلا من شأن أي مهنة، ولا إهانة لأي من يقوم بتلك المهن الخدمية، ولكن حينما ترفع السفارة الفلبينية أجور العمالة المنزلية إلى الضعف مرة واحدة، أعتقد أن الأمر بحاجة لإعادة نظر والتوقف عن استقدام تلك العمالة، وبلا شك أي طرف يسعى لتحويل الموضوع لمصلحته، وكما يقال باللهجة المحلية "كلن يهيل النار صوب قرصه" . فالسفارة الفلبينية حددت 1500 درهم حدا أدنى لأجور العمالة المنزلية بالدولة، وأبلغت بذلك الشركات المحلية التي تستقدم العمالة أن تشترط على الزبائن أن يدفعوا ذلك الراتب كأجور جديدة لمن يطلب أن يستقدم خادمة من الجنسية الفلبينية. والجميل أن الجهات الرسمية المختصة بذلك أكدت أن أي اتفاق تبرمه أي سفارة موجودة على أرض الدولة لن يكون ملزما، ولا يتمتع بالصفة القانونية، لأنه لا سلطة للسفارة خارج أراضيها، وكما أن هناك عقدا موحدا على مستوى الدولة للعمالة المنزلية، محدد الشروط والواجبات على كل طرف من طرفي العقد، ويحفظ لكل منهما حقوقهما. ومعنى ذلك أن الذي لديه الحق في رفع الأجور أو تخفيضها الجهات الرسمية المختصة بالدولة، وليس ما يملى من قبل الملحق العمالي للسفارة، وليس لديهم الحق أن يوقفوا التعامل مع مكاتب استقدام العمالة المنزلية، إذا كان ترخيص نشاطها سليما وساري المفعول. ولكن وباختصار الشيء الوحيد الذي يجعلهم يملون شروطهم ويرفعون أجورهم متى ما يشاؤون، هي حاجتنا الماسة لهم، واعتمادنا الكلي عليهم، فلا تستطيع الآن أي ربة بيت أن تسير شؤون منزلها وتدبيره من دون خادمات، والمفروض أن يتم توعية المجتمع بأهمية الاعتماد على النفس أو التقليل من العمالة المنزلية، وبث تلك الثقافة للمجتمع، ومن دون مبالغة معظم الأمراض العصرية التي ظهرت في مجتمعاتنا للنسوة بشكل مفاجئ بسبب قلة الحركة والاعتماد على الخادمة. "الحاجة" التي تجعل تلك الفئات تملي قراراتها علينا، نحن أقدر أن نسدها ، وأن نكون الأقدر في تحمل مسؤولياتنا ، وقضاء أعمالنا المنزلية، فلماذا لا نخرج بمبادرات لتوعية المجتمع بأهمية الاعتماد على النفس، للتقليل بشكل أو بآخر على تلك الفئات التي أدخلوا علينا وعلى أبنائنا خليط من الثقافات واللهجات العربية المكسّرة. وفي النهاية، حينما أخبرت أحد الأصدقاء عن راتب الخادمات الجديد، علّق مازحاً أن تلك الخادمات تم ترقيتهن إلى درجة مدير منزل، وما تم زيادته من قبل سفاراتهم لا يمثل إلا "علاوة تكميلية" على الترقية التي منحوها لأنفسهم. halkaabi@alittihad.ae