بعد أن تتأكد الخادمة من أن وجودها بات ضرورياً، تبدأ في المماطلة وتتعذر بثقل العمل حيناً والراتب حيناً آخر، فتزيد الأسرة الراتب مذعنة بهدف الحفاظ على حياة الاستقرار، ثم تعيد الكرة بأن أحداً من أسرتها قد توفي والحزن يملأ قلبها، وتريد أن تعود إلى موطنها، وبعد أن ترى جدية العائلة في النزول عند رغبتها من خلال إعادتها إلى المكتب الذي أحضرها للعمل حتى يتم استبدالها بأخرى، ترفض ذلك وتعود للعمل، أو قد يتحدث معها أحد من المكتب وتبدو الأمور وكأن شيئاً لم يحدث، وتكون قد بيتت النية للهرب.. وفجأة تختفي وتتفقدها الأسرة في كل مكان ولكن.. لا أحد، وربما تكون عند خدم آخرين.. لكن لا أحد يخبر عن أحد ..! تجر ربة البيت أذيال الخيبة وتخبر رب البيت بالحادث الجلل، ولا يملك إلا أن يبلّغ عنها الجهات المعنية ويودع ثمن تذكرة عودتها لبلادها وينتهي دوره ليعاود الكرة مرة أخرى لاستقدام خادمة جديدة يبدأ معها ماراثون التعليم والتدريب لعل وعسى.. واضح أنها سوق.. بورصة.. تتصاعد فيها حوادث هروب الخادمات بسبب الخلافات التي تتعدد أشكالها، ومكاتب الاستقدام تشعل أسعار جلب الخادمات، معادلة تناسبها طردي و”مصائب قوم عند قوم فوائد”. من الواضح أن حقوق خدم المنازل مكفولة ومصانة بالقانون واللوائح والإجراءات الإدارية، فالخادمة هي التي تحدد مدة الخدمة المنزلية، وهي التي تنهيها بإرادتها المنفردة، وهي التي تحدد تاريخ عودتها لبلادها، عن طريق اللجوء للشرطة أو الإبعاد، وتذكرة العودة مضمونة، إما عن طريق الكفيل، أو عن طريق إدارة الجوازات. الخادمة لا تخسر شيئاً، بل على العكس تترك العمل لدى الكفيل وتنتقل للعمل في أي مجال آخر يدر عليها راتباً أكبر ولو كان الفرق طفيفاً، ولا تقدِّر المصاريف التي تكبدها الكفيل وتظل على هذه الحال سنوات هاربة من الشرطة حتى يتدخل القدر فتقع في يد العدالة ليتم إبعادها، وفي المقابل يخسر الكفيل قيمة استقدام الخادمة أو السائق ويتحمل قيمة تذكرة عودة للمكفول جبراً، بالإضافة إلى تسليمها راتبها إلى آخر يوم، وإلا يعاقب الكفيل. المسألة باتت تستدعي عقوبات رادعة ضد مكاتب استقدام العمالة المخالفة، وإنشاء مكتب لفض المنازعات بين الأسر ومكاتب استقدام العمالة، وتفعيل إجراءات رادعة للجهات التي تستقدم عمالة هاربة، فعدم وجود قانون عادل، ومتوازن، ينظم العلاقة بين الكفلاء، وخدم المنازل، وراء تفاقم العديد من المشاكل التي يتحملها الكفلاء وحدهم، القوانين الحالية تحمل الكفلاء العديد من التجاوزات والمخالفات التي يقع فيها المكفولون باستثناء المسؤولية الجنائية. لماذا لا يتم إجراء حوار مجتمعي بالتنسيق مع الجهات المعنية.. أو عصف ذهني موسع لتحقيق تطلعات فئات المجتمع كافة للتغلب على السلبيات القائمة لحماية حقوق الكفلاء وخدم المنازل، عبر عقد متوازن يحدد الالتزامات كافة والحقوق المتبادلة للطرفين، والحد من ظاهرة هروب خدم المنازل، فالمسألة باتت مؤرقة للجميع، ونتائج العصف ستكون مبهرة. jameelrafee@admedia.ae