نسمعها وأخرى تضيع في زحام أصوات تشكل ألحانا تطربنا وأخرى تزعجنا أصوات تزدهر بها الحياة هي تمثلنا وتمثل المحيط بنا، الهواء والكائنات وكل أنواع الضوضاء من وسائل النقل والهواتف كل شيء به صوت، حتى نحن وأقدامنا وأيادينا.. بكاء الأطفال وضحكاتهم.. أصوات تحكي وأخرى تحاول. ففي إحدى الدورات التدريبية طلب منا المدرب أن نقوم بعمل مقابلات مسجلة، دخلنا إلى قاعة مليئة بالأصوات معظمنا اختار أماكن وزوايا هادئة نسبيا بالنسبة للقاعة، فيما كان المدرب دان مينسون يسجل في أكثر الأماكن ازدحما كان يبدأ تسجيله من الخارج إلى الداخل، وخلال شرحه لما قام به تفاجأت بأصوات لم أنتبه لها كانت موجودة في المكان، ولكننا لم نشعر بها، أصوات العصافير وسط ذلك الضجيج كانت واضحة جداً وبشكل ملفت وجميل. إلا أننا لم نسمع ولم نعط أنفسنا فرصة لسماعها، ربما العجلة للانتهاء من عمل ما على الرغم من أن هذه الجزئية مهمة جدا في العمل وربما هو التركيز الذي ينصب في اتجاه واحد وربما هو رضوخ آذاننا إلى الأصوات الأقوى واللافتة أكثر بغض النظر عن فائدتها، لا أعلم ولكن الشيء الأكيد أننا لم ننتبه لزقزقة العصافير. قمت بتجربة صغيرة في المنزل بعد هذا التدريب، لم يكن أمام سوى جهاز التلفاز وهو مصدر الضجيج الوحيد في الغرفة أطفأته، إلا أن صوت المكيف بدا لي أكثر وضوحاً فقمت بإغلاقه ومن ثم سمعت صوت “اللمبة” أو المصباح الكهربائي، أطفأته وتناهى لي ضجيج الشارع من أبواق سيارات وعجلاتها وأصوات الأطفال وغيرها، تأخرت عندما أدركت صوت الحمام الذي وضع عشه على زاوية نافذتي، حمام بالقرب مني ولم أدركه إلا متأخراً. بنفس هذا النظام وإن اختلفت تفاصيل السرد نحيا نحن البشر في العمل والمدرسة والمنزل، هناك أصوات كل ما تجيده هو لفت الانتباه. وأخرى تحتاج إلى آذان تجيد السمع. كذلك هو حال الأطفال يبكون وإذا حاولت التغاضي عنهم بكوا بشدة للفت الانتباه، والطلاب المشاغبين في المدارس، اختلاف البشر وأصواتهم جعل التنوع في سلوكيات الحياة مقبولا ومنطقيا بطريقة ما، هذه هي الحياة مليئة بالأصوات التي تحتاج إلى آذان صاغية لما حولها تعي ما تحتويه هذه الأصوات. أغمض عينيك وحاول ألا تغفل أي شيء ركز على سمعك من المؤكد أنك ستجد أصواتا لم تعتد على سمعها أو ربما تلاحظها للمرة الأولى، أذهب إلى الشاطئ ستسمع صوت البحر وأمواجه لأنك مدرك أن هذا الذي تريده، ولكنك نوعاً ما لن تدرك الأصوات الأخرى إلا إذا بحثت عنها، تماما كزقزقة العصافير التي وجدها المدرب. ameena.awadh@admedia.ae