حين أقرأ في الصحف عن سهولة الامتحانات التي يخوضها الطلبة هذه الأيام أستبشر خيراً، لكن حينما تصدر نتائجهم مليئة بالخيبة ومثيرة للإحباط تأخذني الصدمة، هل العينة التي تجاوب على أسئلة الصحفيين هي من نخبة المتفوقين، أم أن الامتحانات خداعة ولا يؤمن شرها؟ حيرتنا هذه الامتحانات منذ كنا على مقاعد الدراسة، وازدادت حين صار المنهج يتبدل وطريقة تدريسه تتغير كل عدة سنوات، لا أعرف الفرق بين مدارس الغد ومدارس الشراكة وتلك النموذجية من الحكومية العادية، ولا أدري أيها الأفضل تعليميا وكيف أساسا أختار بينها لإخوتي أو أطفالي. تمضي طريقة التعليم في المدارس على خط مختلف عن طريقة الامتحان، الطلبة أنفسهم يجهلون ماذا يذاكرون أو كيف يذاكرون، وتاه أولياء الأمور في «الطوشة» ولم يعد أحد يعرف أسلوب حل الامتحان الأمثل وطريقة الحصول على درجات متميزة. لازلت أذكر دموع طلاب الثانوية العامة في السنة الماضية، تذكرتها حين لمست إحباط الطلبة من امتحان الرياضيات هذا العام، استغرابهم للأسئلة وصدمتهم منها، وفي اليوم التالي كانت الصحف تؤكد أن الامتحان سهل جداً «ماي» مثلما نقول عن الامتحان السهل. يضع الأهالي أياديهم على قلوبهم، يخافون من نتائج تحدد مسيرة أبنائهم التعليمية، إلا أنهم لا يعرفون أساساً كيف يمكن أن يذاكر هؤلاء الأبناء والامتحانات من خارج الكتاب، والنماذج المتوفرة لا تلبي الغاية التي يريدونها، والحل الأقرب هو البحث عن مدرس خصوصي، ومع أن الدروس الخصوصية ممنوعة لكن العثور على مدرس ليس بالأمر الصعب، لأن هناك الكثيرين الذين يمارسون التدريس المنزلي حتى وإن كانوا عمال مطاعم في الأساس. بعض الأسر ترسل أبناءها للمعاهد القريبة، للبحث عن دراسة مكثفة وتطبيقات قبل الامتحان، ويبدو أن المعاهد صارت ممنوعة من تقديم مثل هذه الخدمات في الآونة الأخيرة. إذن ما هو الحل؟ كيف يمكن أن يحاول أب - درس المناهج الكويتية - تدريس ابنه الطالب الذي لا يعرف أساساً ما الذي يجب دراسته وما الذي يتركه؟ وهل تستطيع «أم»- وإن كانت تعمل مدرسة- أن تتابع أبناءها الذين يدرسون الثانوية العامة وتعيد شرح الدروس لهم وهي لا تدري أي الأشياء مطلوبة للامتحان؟ في ظل هذا التوهان والضياع، تكثر الأسئلة، وتظل مبهمة الإجابة تماماً كبعض الامتحانات التي يعجز أمامها الطلبة، خاصة وأن الوقت ضيق جدا ومعظم الامتحانات باللغة الانجليزية والكل يحاول الحصول على دقيقة إضافية للحل أو المراجعة ثم لا يجد. حيرة ما بعدها حيرة، صعب أن نعرف بدايتها من نهايتها، حيرة أيام الامتحانات التي تعصف بالبيوت كلها، وترعب الطلبة وآباءهم، وتضع الأساتذة في مأزق والنتائج في مهب الريح، نحاول أن نتخطى كل هذه التفاصيل إلى أن يحين وقت إعلان الدرجات، وساعتها سيقول المسؤولون إن الطلبة يتحملون الإخفاق، ولن يجد الطلبة وأهاليهم إلا الدعاء.