الذين يخترقون حاجز الصوت في الحرية، لايهشمون إلا زجاجات نوافذهم، والذين يقلبون الطاولة على الديمقراطية، لايدلقون الماء الساخن إلا على وجوههم، والذين يظنون وإن في الظن إثم أن حكاية أنا ومن بعدي الطوفان، فإنهم يقعون في مأزق الخطأ والخطيئة، وأن ترويض الضواري لعبة فاشلة، ولا يدفع ثمنها إلا الذين يداعبون الأنياب الحادة، والمخالب الشرسة.. وكيف يمكن لمنافق أن يصدق، وكيف له أن يُؤتمن على حقيقة بعد أن أصبح مراوغاً كالوحوش، مخادعاً كالثعالب، فلا صاحب له ولا حبيب، غير هذه الأنا المتورمة التي تسكن باطنه، والتي غذّاها على مر السنين بعوامل شتى وأولها وسائل الإعلام الموبوءة، والتي تأسست على مبادئ الظواهر الصوتية الصدّاحة، المدّاحة أحياناً والقدّاحة في أحيان أخرى.. القرضاوي، تربى وترعرع في منطقة الخليج العربي، وتورّمت أوداجه وتضخمت خدوده من خير هذه المنطقة، فعندما يتنكر ويشتم دولة من دول المنطقة فكأنه يوجه السباب إلى أخمص قدمه، فالرجل مستعد على أن يلون الأشياء حسب الموجة، ومستعد أن يولي وجهه حيثما دارت كعبة المصالح الشخصية وما تمليه عليه نفسه الأمّارة والتي لا تدع مجالاً للشك في أنه رجل كل المراحل ولا غير. المشكلة الحقيقية ليست في القرضاوي، ولا في الحزب الذي يقف من أمامه وخلفه، دائماً المعضلة تقع على عاتق من يسمع الكذبة ويصدقها ويشيعها، وتصبح جزءاً من خياله الجامح، باتجاه أجندات ما أنزل الله بها من سلطان.. ويا ليت قومي يعلمون أن الأحداث التي تحيط بنا وتحيق بمصائرنا، تؤكد أن لا القرضاوي ولا غيره فكر في يوم بشيء اسمه الحرية، أو شيء اسمه الديمقراطية، إنما الهدف هو قلب الحقائق، واتخاذ موطئ قدم على أرض ساخنة لا سماء صافية فيها، ولا أرض معشوشبة بل إن التراب العربي اليوم يعج ويضج بمفاعلات سياسية أُلبِست ظلماً وعدواناً بالدين والدين منها براء، وما يحدث يعيد التاريخ إلى حيث بدأ، ويشعل حرب طوائف يكون القرضاوي ومن يسانده جزءاً من هذه المسرحية الهزلية التي لا تضيع إلا الإنسان والأوطان، أما الحرية المدعاة والإسلام المزعوم، فهذان غلافاً جوياً يستخدم لتنفيذ ضغائن وأحداث، ومكاسب شخصية على حساب المنجز الحضاري الإنساني.. الإمارات لا تخشى القرضاوي ولا أمثاله على نفسها، وإنما كل ما تخشاه أن تستمر ظاهرة القرضاوي دخاناً أسود يلطخ سماء منطقة الخليج العربي، وبقعة زيتية تلوث بحره، وبعدها يكون من الصعب ترقيع الثوب المهترئ.. كل ما نريده ونتمناه أن يتوقف زبد القرضاوي وينتهي سعاره وخواره إلى نحره وتسلم العلاقات الأخوية والتاريخية بين الأشقاء. Uae88999@gmail.com