أول مرة سمعت فيها أن احتفالات الدولة باليوم الوطني الأربعين ستستمر لمدة أربعين يوما تزامنا مع رقم المناسبة، قلت في نفسي إن هذه الفترة طويلة للغاية، ولا يوجد داع للاحتفال كل هذه الفترة؛ لأنها بصريح العبارة مدة طويلة ومبالغ فيها، علاوة على أنه ماذا يمكن أن يقال أو يفعل طوال أربعين يوما. لكن مع بدء الاحتفالات ومشاهدة تفاعل المواطنين معها، بدأت أغير رأيي؛ لأني رأيت صورة لم أرها في البداية، وتتلخص في أن طول مدة الاحتفالات أسهم في رفع روح الحماسة للمشاركة باحتفالات اليوم الوطني، حيث أتاحت أمام الجميع فرصة أكبر للمشاركة، وهذا بدوره ينعكس بالإيجاب على ترسيخ روح المواطنة في النفوس خاصة بالنسبة للصغار والجيل الحديث. اعتدنا في كل سنة أن نشاهد الاحتفالات، وخلالها كنا نرى تفاعل المواطنين والمؤسسات كلا بطريقته، ورغم أن تلك الاحتفالات كانت كبيرة وضخمة، لكنها لا ترتق إلى ما نشاهده هذه السنة، حيث لم يسبق أن رأينا احتفالات بهذا الحجم الواسع من المشاركة. وهنا لا أقصد الاحتفالات الحكومية والرسمية، ولكن أقصد الاحتفالات الشعبية، في السابق إذا كنت تمر على عشرة منازل، فإنك كنت تشاهد نصفها على الأقل يرفع الأعلام احتفالا بالمناسبة، لكن هذه المرة معظمها يرفع العلم ويشارك بفخر. وإذا ذهبت إلى “مول” أو جمعية ترى أن الهدايا التذكارية الخاصة باليوم الوطني تتصدر المبيعات، وإذا سرت في الشارع تجد معظم السيارات تتزين من حولك. قد تكون مثل هذه الأمور رمزية وبسيطة، لكن لها مدلولات كبيرة للغاية، خاصة في هذا التوقيت الحساس والذي يموج فيه العالم من حولنا ويتغير بفعل الثورات والانقسامات وارتفاع درجة التوتر، وفي المقابل نشاهد في الإمارات كل هذا الحماس الوطني وروح الفرحة بالاتحاد والوطن والقيادة والأرض تسكن في كل بيت، ونشاهد روح الوحدة تسري في الجميع وتجسد حقيقة أن الإمارات جسد واحد لا يتجزأ، والأجمل في كل ذلك أن هذه الفرحة والرغبة في المشاركة نابعة بشكل تلقائي من النفوس. هذا أمر يحتاج إلى وقفة تأمل بسيطة، لأن ما يحصل الآن خير دليل على أن النموذج الذي اختارته الإمارات قبل أربعين عاما بالسير في طريق الوحدة وإنشاء وطن قائم على التسامح والتعاضد، والعلاقة الأبوية التي تربط بين الرئيس والمرؤوس كان هو النهج الصحيح. واليوم ونحن نشاهد حال الإمارات وما وصلت إليه من خير، وروح المحبة والتسامح تربط الجميع، ولا نملك إلا أن نقول رحم الله الشيخ زايد وكل من وضع يده بيده من أجل بناء صرح الاتحاد والمحافظة على هذا الكيان الذي يصل اليوم إلى سن النضج، وأن يديم الله نعمته على الإمارات. Saif.alshamsi@admedia.ae