بعد انفلات حبّات المسبحة في العراق، صار هناك شيء من الدوار في منطقة الخليج أدى إلى خلل في التوازن، وإلى زلل في طموحات بعض الدول في المنطقة.. العراق بلد محوري في منطقة الخليج العربي، ولا يمكن لأي استقرار أن يحدث في المنطقة طالما بقي هذا البلد تتناهشه أنياب الضواري الطائفية، وأصابع من لهم غرض، وفي نفوسهم مرض.. فأن يكون العراق قوياً موحداً أمر لابد منه، ولا يمكن أن تستقر المنطقة وتهنأ وتعيش في سلام، والعراق يعاني من حروب وضروب من التفكك والشتات والانفلات، وبحر الخليج العربي المحاط بأسلاك شائكة ونوايا مفخخة وأطماع لا حد لها، يحتاج إلى العراق المنسجم مع نفسه المتسق مع جيرانه، المتفق مع استراتيجية خليجية عربية، تقف سداً منيعاً مانعاً لأي أطماع خارجية، تنمو تحت ذرائع وحجج مختلفة، وتكبر على حساب العراق الضعيف، المفتت المشتت.. ويشعر الإنسان بالضيم والظلم أن تبتعد الدول العربية عن العراق، تدعه وحيداً يهيم في وجه العاصفة، تغتال حلم أطفاله أطماع طائفية، وتسطو على حق أجياله شعارات عرقية، يشعر الإنسان بالفزع أن يرى العراق الذي كان وكان محاطاً بزئير من يريدون له الهوان، والضعف، لتقوى شوكتهم، وتمتد أذرعهم، إلى سيادته وحقوقه الشرعية.. يشعر الإنسان بالجزع وهو يرى العراق لا يزال في مهب الريح، تتقاذفه أصوات وتتلقف مصيره حناجر والعالم العربي يقف متفرجاً، ولا يملك غير الدعوات، دون مبادرة تُذكر تقدم العون الحقيقي وتوقف هذا النزيف اليومي للقدرات البشرية والمادية.. فالعراق بتضاريسه وتنوعاته الثقافية، وجذوره الحضارية يملك من مقومات النهوض ما يجعله بلداً قوياً، رغم كل الظروف التي مرّت به، لكن هذا النهوض يحتاج إلى إرادة داخلية ودعم عربي صادق ومخلص، بلا رتوش، ولا حواش، ولا شعارات لا تُسمن ولا تُغني.. العراق ببنيته الثقافية والحضارية يستطيع أن يستعيد العافية وأن يقف شامخاً إذا أرادت الدول العربية أن يكون لهذا البلد شأن، وأن يكون لها عون وسند ضد أطماع من لا يريحهم، قوة العرب وتماسكهم.
العراق، بما يتمتع به من تاريخ يستطيع أن يستعيد ما أهمله، التاريخ وأن يوقظ المارد من جديد، ليقف حائلاً دون الذين يريدون له الضعف، ليعبثوا في المياه العكرة، وليصولوا ويجولوا متسلحين بأمجاد خرافية وجاهلية، لا أساس لها في الحق والحقيقة.
العراق ليس ملكاً “لزيد أو عبيد” كما يتوهم البعض، حتى يودع في سلة المهملات، العراق ملك لأهله وللعرب، لذلك من الواجب دينياً وأخلاقياً، أن تكون هناك هبَّة عربية واعية، لأجل هذا البلد العربي المهم، وإنقاذه من سطوة من استغلوا الشعارات لتحقيق مآرب دينية، وعنصرية ليس ضد العراق، بل ضد العرب ومنطقة الخليج العربي بالذات.. أتمنى أن نصحو جميعاً، وأن نتحرر من جمود المواقف إلى صمود الإرادة.


marafea@emi.ae