للناس في الفرح مذاهب ورغبات، يتسابقون في إعلان حبورهم بما يحبون من مناسبات، وتجدهم يبذلون جهدهم بحسب الاستطاعة، وهذا ما نراه واضحا وجليا في احتفالهم باليوم الوطني الأربعين لدولتنا الحبيبة. في مثل ظروف الفرح هذه يتسابق التجار أيضا بطرح البضائع الغريبة الجديدة، تلك التي لم نر مثلها من قبل، بالإضافة إلى البضائع المعتادة التي نحرص على اقتنائها كل عام، لكن أسعارها للأسف تزداد ارتفاعا عاما بعد آخر. لقد صارت الأعلام التي يتسابق عليها الناس لتزيين بيوتهم تباع بالآلاف، مع أنها تجهز وتخاط بكلفة بسيطة لا تتعدى ربع القيمة التي تباع بها. وهناك من تسابقوا على طرح دبابيس روح الاتحاد بأسعار خرافية، ووصل سعر الدبوس الصغير إلى أكثر من 50 درهماً ما جعل الحصول على 20 دبوسا لتوزيعها يكلف 1000 درهم بالتمام والكمال! أكواب خزفية تزينت بالعلم الإماراتي البهيّ تباع بعشرين درهما، أقلام، أعلام، شرائط، ألعاب، أوشحة، أغطية رأس، بخاخات وغيرها الكثير صارت أسعارها بعيدة عن متناول الطلبة الذين يحبون الحصول على هذه الأشياء ومكلفة لميزانية الآباء الذين صاروا لا يستطيعون توفيرها. حين يعيق الغلاء أمنية طفل صغير في الحصول على شيء من تلك الأشياء يبدو فرحه ناقصا، وحين يرى ما كان يتمناه عند زميل له يصبح لفرحته غصة، فبرغم أن الأمر تافه لنا نحن الكبار يبدو الموضوع مهما جدا لصغير لا يدرك أن والده لا يستطيع صرف ألف درهم لشراء اكسسوارات الاحتفال باليوم الوطني، ولا يمكن أن يدفع ألفاً أخرى لشراء علم يغطي به واجهة البيت، وألفاً ثالثة لتزيين السيارة. بالطبع لا يوجد أغلى من الاحتفال بالوطن وفرحته، لكن لظروف الحياة إسقاطاتها على الناس البسطاء، لها همٌ يصعب أن يتجاوزوه من أجل إفراح الأطفال أو حتى الشعور بالقليل من البهجة. لا يملك الجميع آلافاً يسهل عليهم إنفاقها من أجل التمتع ببهجة اليوم الوطني، وهناك من يحاول تجاوز هذا بشراء شيء والتقتير في شيء، لكن عيون الطفل تريد كل المظاهر، يحلم بأن يزين والده السيارة، وأن يرتدي وشاحاً بشكل علم الإمارات، وأن يكون ضمن الجماهير الشبابية في المسيرة التي ستنطلق إن شاء الله في جزيرة ياس، لكنه أيضا يحب أن يرى علم الإمارات مرفرفاً عالياً على واجهة البيت، فطفولته تشعره بالعيد أكثر مما نظن، خاصة وأن الاحتفال باليوم الوطني الأربعين كرنفال ملون يلفت أنظار العالم كله. نتمنى من الجهات المسؤولة أن تراقب محلات بيع بضائع الاكسسوارات الخاصة باليوم الوطني الأربعين، وأن تتابع عن كثب محلات تزيين السيارات، ومحلات بيع الهدايا وكل الجهات التي تتلاعب بالأسعار وترفعها لتنغص فرحة المناسبة وتكسر رغبات الأطفال الذين يتلمسون بهجة العيد.