من الوارد جداً أن يتعكر صفو صباحك الجميل، لأنك اتصلت فقط على جهة ما وعلقت بمشكلة أزلية تسمى “البدالة”، وتكون تلك “النشبة” سبباً رئيساً لاعتلال المزاج، وارتفاع ضغط الدم، وتلبك “المصارين”.! بدالات جهاتنا المختلفة، سواء كانت حكومية أو خاصة، كبيرة أو صغيرة، بدالة بنك، مدرسة، عيادة أو حتى منزل من المنازل العامرة، مجهزة بطريقة تزعج المتصل أكثر من كونها تخدمه، وتوضع فيها خدمات تشعر المتصل بالحيرة فعلاً. الإجماع على وجود جهاز الرد الآلي في كل البدالات، يرجع إلى عهد سحيق سابق كان فيه موظفو البدالة لا يردون على الهاتف أبداً، ويتركونه يرد بلا انتهاء، لذا جاء ذكي “ما” ووضع جهاز “الآنسر مشين” الذي يتعامل مع المتصلين. اعتمدت غالبية الجهات اللغة الإنجليزية للرد على المتصلين، وحتى إن كانت هذه الجهة تقدم خدمات خاصة للمواطنين أو العرب تجد البدالة باللغة الإنجليزية، وبعد أن ينتهي الصوت الروبوتي من الحديث، يطلب منك إدخال تحويلة الشخص الذي ترغب بالاتصال به، وكأنك تعرفه شخصياً ولست مجرد مراجع يحاول متابعه معاملته لدى هذه الجهة. تحاول الضغط على الزر الذي اعتدنا جميعاً أن يكون زر موظف البدالة (0)، لكنك تتفاجأ بأن هذه الجهة غيرت المتعارف عليه وجعلت رقم موظف البدالة رقماً آخر. تصر بعض البدالات على إشراكك في استبيان قياس مدى رضا العملاء عن الخدمة، وبعض الجهات تضع ديباجة الاستبيان للأبد في جهاز الرد الآلي خاصتها، وتصمم أن يكون السؤال عن الاستبيان قبل أن تحصل على الخدمة التي تريد. جهات أخرى تخبرك يومياً بأنها غيرت خيارات خدمة العملاء، وأن عليك أن تصبر حتى ينتهي الصوت الروبوتي من سرد الخيارات الجديدة، وبعد أن تضغط اختيارك تخبرك بأن هناك خيارات جديدة أخرى، وبعد أن تختار مرة ثانية “تركنك” على الخط منتظراً أكثر من ربع ساعة قبل أن يقفل الخط في وجهك دون أسباب! من غرائب البدالات أيضاً أن تجد بدالة مدعومة بنظام الطلب الصوتي، لكنها لا يمكن أن تتعامل مع صوتك الأجش أو المبحوح، تقول لها “خدمة عملاء” فتجيب: عفواً لم نفهم طلبك!. تصر أغلب البدالات على تسجيل مكالمتك للارتقاء بخدمة العملاء، لكنها لا تخبرك بأن هذا التسجيل يبدأ منذ الثانية العاشرة من مكالمتك، وطوال فترة بقائك على الخط منتظراً، وليس كما تظن الغالبية بأنه يبدأ مع تسلم الموظف مكالمتك. المشكلة الأسوأ أن يكون موظف البدالة آسيوياً يتحدث الإنجليزية، هناك تضيع إنجليزيتك ولا تفلح عربيتك في التفاهم، تطلب شخصاً آخر فيقول إنه الوحيد، تحاول العثور على شخص عربي فلا يفيدك، تتمنى أن يفهم مقصدك فيجيبك “زوري.. آي قانط هيلب يو”. وبعد هذا كله، ألا ترون أن البدالة يمكن أن تقلب المزاج؟!