تابعت مؤخراً واقعة مؤلمة جرت في الممر الداخلي لبناية سكنية بالعاصمة، عندما قفز كلب سيدة أوروبية نحو طفل جارتها، وفتك بوجهه، متسبباً في إلحاق جروح غائرة فيه، وبشفتيه وفكه، وهرعت به أسرته إلى طوارئ المستشفى، حيث جرى حقنه بالمضادات، وخضع لجراحة عاجلة لخياطة الجروح، إلا أن المفاجأة التي كانت بانتظار الأسرة أن طفلها -الذي كان لا يزال تحت تأثير الصدمة- بحاجة لعملية جراحية دقيقة لأنسجة الفك، وهي غير متوافرة سوى في مركز متخصص بإيطاليا. لم تكن تلك الواقعة الأولى من نوعها التي يتعرض لها طفل بريء لا ذنب له، ويدفع ثمنها غالياً لعبث واستهتار شخص غير مسؤول، لم يحكم تقييد حيوانه الذي لم يعد أليفاً بل بات يمثل خطراً كبيراً على الآخرين، خصوصاً الأطفال الصغار غير القادرين على حماية أنفسهم. ما زلنا نتذكر الهجوم الشرس الذي تعرض له طفل كان يلعب مع أقرانه في مدينة خليفة، بعد أن خرج كلب من النوع المحظور تربيته في البيوت عن سيطرة العاملة الآسيوية، وألحق جراحاً بالغة بالصبي الذي كان قد تعثر وهو يحاول الفرار من مطاردة المتوحش. وبعد ذلك الهجوم، ارتفعت الأصوات كعادتنا دائماً في ردة الفعل، مطالبة بتشديد الضوابط والأحكام بحق المتسببين في مثل الحوادث التي لا تترك آثاراً واضحة فقط على أجساد الأطفال الضحايا، وإنما لها بصمات نفسية أكثر إيلاماً تلازم الضحية لسنوات طوال، وتؤثر على شخصياتهم ونفسياتهم. الحادثة الجديدة تلقي بالتساؤلات ذاتها حول طبيعة الإجراءات التي اتخذت من قبل الجهات المختصة، وبالذات البلدية والشرطة، وهما أكثر الجهات متابعة لما يترتب عن مثل هذه الحالات. ولعل أغرب ما يمكن أن تسمع من بعض الذين يعتقدون أن المطالبة بوضع ضوابط وإجراءات بهذا الشأن فيها حد من الحريات الشخصية للآخرين، بل يحمِّل أولياء الأمور مسؤولية ما حدث لأبنائهم وعدم متابعتهم. ويتناسى أن الكثيرين باتوا يعزفون عن ارتياد العديد من حدائق العاصمة، وتركوها لهواة تربية هذه الكائنات، وبعضها يلقي الرعب في الكبار قبل الصغار، ناهيك عن مخلفاتهم المتناثرة في مختلف زوايا الحديقة. في مدن أوروبا تشاهد ملاك هذه النوعية من الحيوانات يتخذون الإجراءات كافة، بما في ذلك الحرص على نظافة مكان وجودها، أما عندنا فقد تركوا المهمة للبلدية، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء!!.