المفترض أن بطولات الخليج تسهم في تحسين مستوى كل مفاصل لعبة كرة القدم في المنطقة، من منشآت وبنى تحتية وملاعب ولاعبين ومدربين وإداريين وتنظيم وإعلام، ومن نافل القول إنها يجب أن تسهم في تحسين مستوى التحكيم الخليجي، وهو الأمر الذي لا أعتقد أنه حدث خلال السنوات الـ48 ماضية من عمر البطولة التي تنتهي عام 2018. وأعتقد أن السبب يكمن في طبيعة بطولات الخليج منذ انطلاقها ومدى الحساسيات في التصريحات والضغوطات التي كانت تمارس من قبل بعض المسؤولين قبل وأثناء البطولة، وهو ما يجعل التحكيم يخضع لضغوطات كبيرة، خاصة أن الحكام ينتمون لنفس الدول المشاركة، رغم أن الشعار الأساسي المرفوع لهذه البطولة، هو لم الشمل الخليجي ومنحهم المزيد من الخبرة والمساحة التنافسية. لهذا أقول إنهم حسناً فعلوا عندما جاؤوا بطواقم أجنبية درءاً لأي حساسيات أو تفسيرات أو تأويلات يمكن أن تنشأ من التحكيم الخليجي، ولم أسمع خلال هذه البطولة عن مشادات كلامية أو اعتراضات كبيرة رغم وجود بعض الأخطاء وبعضها فادح، ولكن العادة عندنا تقول إن الخطأ إن بدر من خواجة أو غريب فيمكن تحمله وعدم تأويله. وكمتابع للشأن الكروي العربي منذ 36 سنة، أجد أن مستوى التحكيم العربي بشكل عام سابقاً كان أفضل وأعلى بكثير مما نراه حالياً، فقد وصلنا عبر المغربي سعيد بلقولة إلى سدة الهرم التحكيمي العالمي بقيادة نهائي كأس العالم 1998 وتوجت به فرنسا بعد الفوز الكبير على البرازيل بالثلاثة. الحكم العربي سابقاً وصل ثلاث مرات متتالية لنهائيات كؤوس العالم، عبر السوري جمال الشريف، ثم الإماراتي علي بوجسيم، حين قاد نصف نهائي مرتين، والمركز الثالث مرة، وأيضاً نتذكر المصري جمال الغندور، والكثير من الحكام الذين تركوا بصمات واضحة، وباتوا نجوماً مثل بعض اللاعبين، ولكننا الآن لا نرى هذه النجومية العربية بالتحكيم مع كامل احترامي لكل الأسماء المتواجدة. التحكيم العربي يحتاج وقفة مطولة تعيد له هيبته ومكانته وقوته.