عساكم من عوادة.. عسى أيامكم أجمل، عسى لحظاتكم أفضل.. عسى حالكم أفضل.. إنه صباح ثاني أيام العيد.. العيد.. هذا الفرح الطفولي الخالص، النسمات الجميلة ليوم شمسه باردة وهواؤه عليل.. ترتفع فيه البالونات عالياً، ويتوقف فيه الصغار مرات ومرات ليحصوا عيدياتهم وغلتهم البريئة. صباح ثاني أيام العيد وحجاج بيت الله يؤدون مناسكهم، والأضاحي قد وصلت لمستحقيها، والثياب الجديدة ازدهت فوق من ارتداها، صباح اليوم الثاني من السعادة المشروعة للمسلمين. في العيد تنفتح قلوب الغاضبين، وتلين نفوسهم العصية، جملة واحدة تشرع أبواب التسامح (كل عام وأنتم بخير) وقبلة صافية على جبين كل غال قاطعناه لفترة. وعلى أيدي كل كبير نسيناه لفترة. وعلى خد طفلة تحب الطيران عالياً بعد أن ترميها ذراعي والدها عالياً لوهلة. في العيد نتسامح مع أنفسنا، نسمح لذاتنا بالعودة إلى التأنق دون سبب، لدخول بيوت أعزائنا دون موعد، لقضم السكاكر وقطع البقلاوة وتذوق الحلوى المحلية. نأكل مدفوعين بفرحة المشاركة. وآخر همنا السعرات الحرارية فهذا طعم العيد. في العيد نتوهج ضحكاً، ونرتدي منذ الصباح ملابسنا الجديدة، من ينام صباح العيد لا يعيشه ولا يدرك فرحته، من لا تخضب يديها بالحناء لا تشعر بلذته، من يتجاهل طرقات الصغار على بابه يفقدون بسمته. في العيد تكبر الأحلام بحجم الكون، وتتسع الأكف لمئات الأكف الصغيرة والكبيرة التي تحتضنها طوال الأيام الثلاثة المعلنة بأنها عيد، وطوال أيام أخرى لا حصر لها تصبح عيداً كلما التقت الأيادي بتسامح ومحبة. في العيد تزدهي الشوارع بالقلوب الفرحة، يشع الكون بوهج مختلف، وهج ينبع من قلوبنا لا من ما يحيط بنا من أشياء. وهج يمنح الناس حفاوة النفس، ويعيد صياغة الأشياء لتصبح أكثر جمالاً. في العيد تمتلئ الشوارع بنا، نحن الباحثين عن انطلاقة أفضل وسط الأجواء الجميلة، والطقس المائل للبرودة يوماً بعد آخر، والطيور المهاجرة التي بدأت فلولها تصل للإمارات لتشاركنا العيد. هذا العيد نشعر بزهو أكبر بالوطن والإنجاز، فقد تلاحم مع أفراح الإمارات بعيدها الأربعين، وأصبح عيد الأضحى مع الاحتفالات الوطنية يشع أكثر في القلوب.. عيشوا العيد بكل ما فيه من أفراح، لا تتركوه يغيب عنكم دون ذكرى، بعض المكتئبين دوما يحرقون على الآخرين العيد.. لا تستمعوا لهواة الحزن، فالعيد فرحة سماوية تغطينا، اجعلوا له حقه المعلوم من الابتسام والسعادة.. شاركوا الصغار الفرحة الربانية التي تتنزل في القلوب، شاركوا الحجاج مشاعر الرغبة بالفوز برضى رب العالمين، وشاركوا من حولكم روعة الإحساس بأن اليوم مختلف عن بقية الأيام، وأنه مخصص للفرح والسعادة.. إنه العيد.. وللعيد حين يأتينا واجب الضيافة.. أكرموه بمشاعر تستحقه.. فكل عام وأنتم بخير.. وعسالكم من عوادة..