الإفلاس السياسي، والعقائدي، يؤدي إلى التلف والكلف والعسف والنسف والخسف والكسف والغرف من مستنقعات الحثالة، والنخالة والنذالة، فإنه الحقد الذي لا يبقي ولا يذر، يكدر ولا يسر، وينفر ويعكر، ويجذر مشاعر الأسى، والبؤس واليأس.
فمن نسف مقام المعري في سوريا إلى محاولة تفجير قبر بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق، وكأن الحرية المدعاة تبدأ من ملاحقة قبور الموتى وتدمير المآثر والأثر، وتحقير الماضي، وكل ما له علاقة بالفكر المضاد. وعندما يصدم الإنسان بهذه التصرفات الهوجاء، يشعر بالخزي والاندحار، والإحباط من فئات ادعت الإيمان، فكسرت مناقب الأوطان وأطاحت كل ما هو حي، أو ميت، معتمدة بذلك على أفكار بالية وخاوية من المعنى والمضمون.
يشعر الإنسان أن مثل هذه الأفكار لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تقود بلداً أو تحقق منجزاً، أو تبني حضارة، أو تحيي ثقافة، أو تعيد للأمة اعتباراً يضعها في مصاف الدول التي حققت انجازاتها الحضارية، بالتصالح مع النفس، والاعتراف بحق الآخر بأن يعيش حراً، من دون وصايا من نصبوا أنفسهم أوصياء على البشر، وادعوا النبوءة، واختزلوا أزمنة العرب في حفنة صرعات ليست من الإسلام في شيء.
يشعر الإنسان بأن الزمن عند هذه الفئات قد توقف عن الحركة، وأن الشمس تنازلت عن قيادتها للمجموعة الشمسية، وتقاعست عن بث الضوء في أذهان بني البشر، وأن القمر رُجم بِكسفٍ ونتف من بصاق الذين نفخوا في كير المرحلة، واستمالوا إلى كائنات شبه بشرية، لا تملك إلا أشكالاً خاوية من استدلالات الوعي، والنهوض من براثن الغي والجهل، وظلمات الكبت والتعنت والتزمت.
يشعر الإنسان أن هذه الفئات، باعت الأوطان، بحفنة من شعارات فضفاضة وصفراء إلى درجة المرض، وصارت تعيث فساداً في الأرض، لا تؤمن بدين، ولا تعترف بوطن، ولا تحسب حساب
الدماء التي تريقها ظلماً وبهتاناً، ولا تنتمي إلا لنفسها الشريرة، ولا تتكئ إلا على كثبان رملية، تقذف بحممها في صدور الأبرياء، الأموات منهم والأحياء.
هذه فئات خارجة من مواقد الكراهية، لأجل إشاعة الموت والفقر والمرض والأمية، كوسيلة وحيلة لمن لا يملك الوسيلة للتخاطب مع الآخر.


Uae88999@gmail.com