انتشرت حالات الرشح في الفترة الأخيرة بسبب البرد وزادت الضغوطات على العيادات وقسم الطوارئ في المستشفيات، وتراوحت التشخيصات بين ارتفاع شديد في درجة الحرارة وسعال و”أنفلونزا” وغيرها من هذه الأعراض الملازمة لنزلات البرد. تقول مراجعة لإحدى المستشفيات “ذهبت بابني إلى قسم الطوارئ حيث كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وسعالٍ، وبعد طول انتظار، ودخول الطبيب ومعاينته وإجراء الفحوصات وظهور النتائج تم صرف الدواء، ولكني تفاجأت بطبيب آخر غير الطبيب المعالج يدخل ليسأل عن الحالة، وعندما أشرت بأن التفاصيل موجودة في الملف قال إنه “لا يريد أن يقرأ الملف”؛ تقول السيدة لم “أفهم لبرهة لماذا لا يريد أن يقرأ الملف، وصفت له حالة ابني لكني تفاجأت بمقاطعته لي وأسلوبه الفظ، حقاً لم أفهم لماذا يتصرف بهذا الأسلوب، أنا لست في نزهة أو زيارة اجتماعية عندما أذهب للمستشفى!” نخطئ ونصيب، تدفعنا ضغوطات العمل لتصرفات غير مقبولة أحياناً هذا مفهوم ولكن الخطأ وردود الفعل غير مقبولين بالنسبة لمهنة كالطب ولا مبررة ولا مفهومة، نعم هم بشر ولكنهم اختلفوا عنا عندما ارتدوا هذا الزي الأبيض، نعم اختلفوا على الأقل في حدود المهنة، هم ليسوا بشراً بل نخبة البشر، هم الإنسانية بمفهومها السامي، يعملون بكل جد واجتهاد للحفاظ على الأرواح التي بين أيديهم، هم الأمل والدواء؛ لذا أسلوبهم مع المرضى وذويهم مهم جداً، ولا يمكنهم أن يتجاهلوا أن مهنتهم ليست كباقي المهن، ومهما كانوا مهنيين فهم لا يستطيعون أن يتجنبوا التعامل مع مشاعر الآخرين لأنها أساس عملهم. حتى المريض، عندما يصف ألمه يقول “أشعر..أحس..أتضايق”، كلها مصطلحات مرتبطة بمشاعر المريض سواء كانت تصف لنا خوف هذا المريض أو ألمه. ومهنية الطبيب ليست مقتصرة على مهارته فقط، بل على إنسانيته وهي أساس لهذه المهنة. لا يحق للطبيب أن يشخص أي مرض على أنه بسيط وآخر مستعص، فالألم واحد ولكن يختلف باختلاف درجاته. قد تكون ضغوطات العمل رمت بظلالها على هذا الطبيب، ولكن ما ذنب المريض؟ من المهم جداً أن نعرف كيف نكسب ثقة المريض حتى وإن كنا نعامله كزبون، يجب أن نستوعب أن المعاملة هي أهم باب لكسب ثقة الآخر وخصوصاً المريض. “حصل خير” هذا ما أجاب به إحدى المستمعات لتلك السيدة المستنكرة لتصرف الطبيب، نعم حصل خير لأن الخطأ في هذه الحالة ليس طبياً بقدر ما هو أخلاقي وإنساني! ameena.awadh@admedia.ae