لأننا في هذه الأيام المباركة، في موسم الحج الذي تهفو نفوسنا إليه وإلى ذلك المكان المقدس، تهفو نفوسنا إلى ذلك الموعد المقدس مع ملك الملوك، الذي تمنيت أن أكون ضمن الوفد المشارك في حج هذا العام، غير أن الله وحده هو الذي يختار الوفد الذي سيؤدي تلك الشعائر، ويحظى بزيارة تلك الأماكن، ليخرج بعدها طاهراً نقياً كما ولدته أمه. أدعو الله أن يرزقنا جميعا زيارة بيته وأداء شعيرته، وجدت أن مسألة الحج قد سيطرت على ذهني، ووجدتني أتفكّرُ في إبعاده وفلسفته، نحن اليوم في زمن يهاجم فيه ديننا الحنيف، والحج يثبت لنا أن هذا الدين يكتسب أفقاً عالمياً في الحج، أي أنه عولمة لدين الله، دين الإسلام بصورة من الصور، بل ربما يكون الأمر أكبر من ذلك وأكثر شمولية. فالشعائر التي نؤديها في المناسك تمثل مجموعة من الرموز والدلالات القائمة أساساً على روح الإسلام، والتي تقود إلى نتيجة واحدة، وهي أن الحاج يقوم بمناسك قائمة على حركات وخطوات تنسجم مع نواميس الكون وقوانين الحياة، ومعروف كما هو واضح أن الحج عبارة عن رموز كثيرة لها دلالات لفظية وحركية تعود في أصلها إلى رموز كونية. سبحان الله، إذن ذلك يعني أن مسألة الحج مرتبطة بشيء أوسع من العالمية، إنها مرتبطة بالكونية، وإذا تفكرنا في هذا الأمر بعقل منفتح على نحو أكبر وبعيداً عن محدودية التفكير، لتأكّدنا أن الإسلام هو دين كوني، بمعنى أنه لا يُستبعد أن يكون هناك أقوام آخرون في الكون بخلاف سُكّان الأرض يدينون بالإسلام، هذا الأمر لو وضعه العُلماء تحت المجهر متخلِّين عن النزعات الأيديولوجية لاكتشفوا حقيقته. إن ذلك ما يجعلني أجزم بأن هناك مخلوقات من غير البشر في هذا الكون الواسع الذي لن نحيط بعلمه أبدا، لأن العقل البشري محدود الأفق على أي حال، ولا يحيط بجزء يسير من علم الله الواسع، وإلا سيكون هذا الكون الشاسع هدرا، وذلك لا يجوز فالله لم يخلق شيئاً عبثاً، حتى لو كان جماداً أو نباتاً. وهذا الكون الواسع اللامتناهي الذي لا يعلمُ أحد غير الله بدايته ونهايته، من المؤكد أنه لم يُخلق عبثا، ما يعني حتمية أن تكون هناك مخلوقات تسبح باسم الله تسكن مكان ما من هذا الكون اللامتناهي والذي لا يحيط بحدوده أو بعلمه البشر، وما أدرانا لعل تلك المخلوقات تدين بدين الله «الإسلام»، والله أعلم فهو الدِّين الخالد منذ الأزل. rahaluae@gmail.com