عندما تُقدم خدمات تربط مليارات البشر في أنحاء الدول ومن مختلف الثقافات، فإنك سترى كل الخير الذي يمكن أن تقدمه الإنسانية، وسترى كذلك أشخاصاً يحاولون انتهاك هذه الخدمات بكل السبل الممكنة. ومسؤوليتنا في «فيسبوك» هي أن نضاعف الخير ونقلل الشر. وينطبق ذلك بصورة خاصة على الانتخابات. فالانتخابات الحرة والنزيهة هي قلب الديمقراطية النابض، وفي أثناء الانتخابات الأميركية عام 2016، دأبنا على البحث عن الهجمات الإلكترونية التقليدية، ووجدناها. لكن ما لم نجده حتى وقت لاحق كانت قوى فاعلة أجنبية تدير حملات منسّقة تهدف إلى التدخل في العملية الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية. ومنذ ذلك الحين، ركزنا على تحسين دفاعاتنا وجعل التدخل في الانتخابات أمراً شديد الصعوبة على أي شخص.
وكان من بين الجهود الأساسية العثور على الحسابات المزيفة وحذفها، التي كانت مصدراً لكثير من الانتهاكات، بما في ذلك المعلومات المغلوطة. ويمكن لقوى شريرة استخدام أجهزة الكمبيوتر من أجل إنتاج مثل هذا المحتوى، لكن من خلال التقدم الذي تم إحرازه في مجال الذكاء الاصطناعي، نحظر الآن بصورة يومية ملايين الحسابات المزيفة، التي يتم إنشاؤها بحيث يمكن استغلالها في نشر الرسائل الخبيثة، والأخبار الزائفة والإعلانات الكاذبة.
وتعزيز الشفافية في أنظمتنا الإعلانية هو من المجالات الأخرى التي أحرزنا فيها تقدماً أيضاً، إذ يمكن الآن مشاهدة الإعلانات كافة التي ينشرها المعلن، حتى وإن لم تكن تستهدف المشاهد. وأي شخص يرغب في نشر إعلانات سياسية أو موجهة في الولايات المتحدة على موقع «فيسبوك» يجب التحقق من هويته. ولابد أيضاً من الكشف عن ممول أية إعلانات سياسية أو موجهة بالأسلوب ذاته المتبع في إعلانات الصحف أو التلفزيون. غير أننا زدنا على ذلك أيضاً بوضع جل تلك الإعلانات في أرشيف عام، يمكن لأي شخص البحث فيه لمعرفة كم أُنفق على كل إعلان فردي وأعداد الجماهير التي وصلها الإعلان. ومن شأن هذه الشفافية الكبيرة أن تزيد مسؤولية ومحاسبة المعلنين.
ومثلما أدركنا من الانتخابات السابقة، فإن المعلومات المغلوطة تشكل تحدياً حقيقياً، وجزء كبير من الحل هو التخلص من الحسابات الزائفة. لكن من الحلول أيضاً القضاء على الحوافز الاقتصادية التي تشجع مروجي الرسائل الخبيثة على إنتاج أخبار كاذبة من الأساس. وعندما يتم رصد منشورات من المحتمل أن تكون كاذبة، نمررها إلى جهات «التأكد من الحقائق» المستقلة، مثل «أسوشيتد برس» و«ويكلي ستاندرد» لمراجعتها، ومن ثم نُصنّف المنشورات التي يتم تقييمها باعتبارها «كاذبة»، ما يعني أنها ستخسر زهاء 80 في المئة من حركة تبادلها في المستقبل.
ولا نعمل وحدنا، فبعد عام 2016، أضحى واضحاً أن الجميع، من حكومات وشركات تكنولوجيا وخبراء مستقلين، يتعين عليهم القيام بجهود أكبر من أجل تبادل الإشارات والمعلومات من أجل الحيلولة دون هذا النوع من الانتهاكات. فقوى الشر لا تحصر نفسها على خدمة واحدة، ولا ينبغي أيضاً أن نواجه المشكلة في صوامع منعزلة، ولهذا السبب نتعاون عن كثب مع شركات التكنولوجيا الأخرى في مواجهة تهديدات الأمن الإلكتروني التي نواجهها، كما نتعاون مع جهات إنفاذ القانون من أجل رصد الحسابات في روسيا.
ومن أكبر التغييرات التي أجريناها العام الماضي أننا لم نعد ننتظر تقارير حول وجود أنشطة مريبة، وإنما نبحث بصورة تفاعلية عن المحتوى الضار المرتبط بالانتخابات، مثل الصفحات المسجلة لصالح أي كيان أجنبي والتي تنشر محتوى محدد لزعزعة الثقة والتفريق بين الناس. وعندما نجدها، فإن فريقنا الأمني يراجع هذه الحسابات لمعرفة ما إذا كانت تنتهك سياساتنا. وإذا كانت كذلك، فإننا نسارع بحذفها. فعلى سبيل المثال، رصدنا مؤخراً شبكة حسابات في البرازيل كانت تخفي هويتها وتنشر معلومات مغلوطة قبيل الانتخابات الرئاسية في الدولة المزمع عقدها في أكتوبر المقبل.
وبالنسبة لانتخابات التجديد النصفي الأميركية، نستخدم أيضاً أداة جديدة اختبرناها في الانتخابات الخاصة في مجلس الشيوخ بولاية ألاباما العام الماضي للتعرف على التدخل السياسي بصورة أسرع. ومكنتنا تلك الأداة من رصد وحذف مروجي رسائل سياسية أجنبية كنا لا نستطيع رصدها في السابق. ورصدنا خلال الشهر الماضي مئات الصفحات والمجموعات والحسابات تهدف إلى إنشاء شبكات تضلل الناس عمداً بشأن هوياتها وأهدافها.. بعضها كانت في إيران وأخرى كانت في روسيا.
الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك»
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»