أخبرنا الإعلامي «بيتر سكاون» عن الإعلام الأميركي «الأسود»؛ وها هو «مايكل موور»، المخرج لأميركي يحدثنا عن «الإعلام» «الأبيض»، بأقلام إعلاميين أميركيين بيض، في كتابه الذي يحمل العنوان النقدي الساخر، وهو «رجال بيض أغبياء - صدر معرَّباً في مركز التعريب والبرمجة، عن الدار العربية للعلوم في بيروت عام 2003».
وأثناء تسلم «موور» جائزة الأوسكار كأفضل مخرج أفلام وثائقية لعام 2003، صرح بكلمة مهمة جاء فيها: «نحن نعيش في عالم زائف، انتخبنا رئيساً يقودنا لحرب ذات أسباب زائفة... عار عليك يا سيد بوش». «قيلت هذه الكلمة أثناء تسلمه الجائزة».
ويلاحظ أن «موور» كان يحمل في صدره شعلة تتقد لصالح القضية الفلسطينية، كمشكلة إنسانية وأخرى سياسية، ففي رسالة تضامنية مع القضية الفلسطينية. وقد أتت هذه الرسالة الموجهة إلى الراحل القائد الفلسطيني ياسر عرفات. أما الرسالة، فقد أتت في كتاب مايكل موور المذكور آنفاً وعلى ص 210 منه. ومن المناسب أن نقارن هذه الرسالة مع فعلة الرئيس الأميركي الحالي ترامب، تلك الفعلة التي كرّس فيها أميركياً إمبريالياً موقفه من القضية الفلسطينية راهناً. يخاطب مايكل موور «عرفات» كما يلي «ص 206 - من كتاب موور في ترجمته العربية: «الأرض المقدسة. يا له من اسم جميل.. لمكان ينتشر فيه الرعب والشر في كل ميل مربع أكثر من انتشارهما في غرفة الشيطان... رغم أنني قد سافرت قبل ذلك إلى أميركا الوسطى، والصين، وجنوب شرق آسيا، والمناطق الأخرى من الشرق الأوسط، إلا أنني لم أكن مستعداً بعد لمشاهدة مخيمات اللاجئين في الأراضي المحتلة. لم أصادف في حياتي مثل هذا البؤس المطلق. إن إرغام كائنات بشرية على العيش في هذه الظروف - وفعل ذلك بوساطة السلاح لأكثر من خمسين عاماً - لم يكن له أي معنى على الإطلاق.. لا أريد الخوض في الحديث عن الحجج المختلفة بشأن السبب وراء خلق إسرائيل.. أنا وأنت لا نعطي 3 مليارات دولار إلى سوريا، كما نفعل إلى إسرائيل. وبما أن هذا المال ما لنا، فيجب أن نعتبر أنفسنا مسؤولين عن ظروف الاضطهاد، والقتل، والتمييز العنصري الموجودة في الأراضي المحتلة بوساطة إسرائيل.. والآن تملك إسرائيل أسلحة نووية.. والكائنات البشرية تملك الحق بتقرير المصير، والحق بالاقتراع، والحق بالعيش، والحرية والسعي وراء السعادة. أما العرب الذين يعيشون في الضفة الغربية وغزة، فلا يملكون أي شيء من هذا القبيل.. إنهم يعيشون تحت حظر التجول.. إنهم يُعتقلون ويسجنون من دون إنذار، أراضيهم تسرق وتعطى للمستوطنين. وأولادهم يقتلون لرميهم الحجارة - أو لمجرد أنهم يمشون في الشارع - ص 208».
ويعلن «مايكل موور» عمَّا يراه «خطة للدخول في الحل الضروري»، ويعلن ذلك على النحو التالي: (يجب أن يبلغ الكونجرس إسرائيل بأن أمامها ثلاثون يوماً لإنهاء سفلك الدماء التي يرتكب باسمنا - وإلا فسنقطع عنها الثلاثة مليارات دولار كلها. إن الإرهاب الفردي سيئ بما يكفي، فكيف بالإرهاب الذي ترعاه الدولة. وإذا كانت إسرائيل تريد المحافظة على الدولارات المحصلة من ضرائبنا، فيجب أن تمنح سنة لكي تعمل مع الفلسطينيين لإنشاء خطة تهدف إلى إنشاء دولة تدعي فلسطين).
كنا نعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمتلك حداً مناسباً وكافياً من الوعي التاريخي لمواجهة الظلامية العنصرية؛ ما يجعلنا نُبقي على الفكرة التي نواجهها الآن عربياً وعالمياً تحت عنوان يصح الآن طرحه والتحقق من أن البشرية المعاصرة أو الراهنة عادت إليه في الوراء تحت أعلام الاستغلال، وفي ظل أخطر التطورات على الصعد الأكثر حساسية وخطورة واحتمالاً لتحولها إلى حروب قذرة جديدة داخلية وخارجية، كما تتفوق على مثيلاتها في أزمنة سابقة بكونها أصبحت مسلحة بأكثر الوسائل قتلاً وتدميراً، وتأثيراً على ما قد يأتي من حروب كاسحة تهدد العالم بأجمعه، بمن فيه من البيض والسود والسمر!