توفي السيناتور جون ماكين يوم السبت الماضي بعد معركة بطولية مع سرطان في المخ. وحاجتنا لماكين الآن أكبر من أي وقت مضى. فقد جسّد الفضائل التي تصمد أمام الزمن من شجاعة وإخلاص ووطنية وشرف. وحررته قوة إرادته وشجاعته كأسير حرب في فيتنام الشمالية من الشعور بالخوف من أي شيء في عالم السياسة. ولم تفت في عضده الخسارة أو عدم الشعبية أو أضغان منتقديه. وبعد أن تحمل معاناة لا تتوقف لرفضه، كأسير، الاستسلام لمعتقليه، كان يرى من التهافت والحماقة أن يطرح على نفسه سؤال بشأن التصويت من أجل المنفعة أو الحصول على ميزة حزبية.
ولم يرضخ للإذعان الحزبي، واستطاع أن يحتل مكانة مهمة ومميزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتغير المناخ والتمويل وإصلاح الهجرة وإقامة علاقات مع فيتنام أو رفض مرشحين غير مؤهلين. ويستطيع المرء أن يختلف مع «ماكين» بقوة على مدى استحقاق هذه القضايا وغيرها، لكنه لا يملك إلا أن يُعجب به. فقد كره المستأسدين والطغاة والخداع الحزبي وأحب رجال القوات المسلحة الأميركية والمعارضين وكبار حلفائنا «الديمقراطيين».
وارتكب «ماكين» أخطاء، منها اعتقاده بوجود أسلحة دمار شامل في العراق. لكن حين أخطأ لم يسع أحد مثله في طريق التصحيح. وبعد اكتشاف خطأ اعتقاده بوجود أسلحة دمار شامل، دافع ببطولة عن تعزيز أعداد الجنود في العراق، ما رجّح كفة حرب كانت تخسر دعماً سياسياً.
«ماكين» كان وطنياً وإخلاصه منصب على قيم أميركا الأساسية. وكان يؤمن بقوة أن أميركا هي أرض المهاجرين الذين يمكنهم أن يصبحوا أميركيين كمن ولدوا في البلاد، من دونهم يستحيل تحقيق عظمة أميركا. واستطاع مع أسرته أن يجعل من رجال الجيش وقدامى المحاربين وأسرهم همه الأول ومحط حبه المتدفق. وظل أوفى صديق وأصدق مدافع، سواء كان هذا في إصلاح شؤون قدامى المحاربين أو دعم القوات المسلحة. أصبح مجلس الشيوخ من دون «ماكين» مثل سيارة دون محرك. يمكننا أن نحزن على غيابه ونقيم الحداد عليه، لكن كي نكرمه يتعين علينا الدفاع عن ديمقراطيتنا الرائعة، ونصمم على سلامتها، ونضمن أن تظل آخر وأفضل أمل للكوكب.
 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»