أصدر مكتب الميزانية في الكونجرس الأميركي في الأيام القليلة الماضية تقريراً «يوضح الكيفية التي ستتطور بها الميزانية الاتحادية واقتصاد البلاد في صورة ثلاثة احتمالات بديلة. وفي هذه الاحتمالات سيتغير القانون للاستمرار في سياسات معينة يجري العمل بها حالياً مما يؤدي إلى ديون أكبر». وفي الاحتمال الأول سيصبح الخفض في الضرائب للأفراد الذي تم العمل به عام 2017 دائماً، تماماً كما وعد بذلك «الجمهوريون» وجاء في التقرير أن «الدين الاتحادي سيعادل 148% من الإنتاج المحلي الإجمالي في عام 2038 وسيواصل ارتفاعه في السنوات التالية». والاحتمال الثاني يشبه الأول لكن «بعد عام 2038 من المفترض أن تتغير سياسة الضرائب بحيث تظل العائدات ثابتة كنسبة من الإنتاج المحلي الإجمالي بدلا من أن تتزايد مع الزمن. وفي هذا الاحتمال يكون العجز في الموازنة أكبر مما هو عليه في الاحتمال الأول. وستعادل الديون 151% من الإنتاج المحلي الإجمالي عام 2038 وسيواصل ارتفاعه بعد ذلك. وفي الاحتمال الأخير «ستظل العائدات ثابتة بالنسبة للإنتاج المحلي الإجمالي بعد عام 2018 وليس بعد عام 2028». وهذا سيتمخض عن دين يساوي 165% من الإنتاج المحلي الإجمالي عام 2038. وسيواصل الارتفاع بعد ذلك.
ولا صعوبة في فهم سبب تضخم الديون لأن الكونجرس يقلص العائدات بينما تتزايد النفقات. ومكتب الميزانية يحدد نتائج هذا التراكم الهائل من الديون في «تقلص الادخار والدخل القوميين في المدى الطويل وزيادة سعر الفائدة على الدين الحكومي مما يضغط على باقي الميزانية ويقيد قدرة المشرعين على الاستجابة إلى الأحداث غير المتوقعة وزيادة احتمال وقوع أزمة مالية يرتفع فيها معدل الفائدة على الديون الاتحادية فجأة مما يزيد بشدة كلفة اقتراض الحكومة».
«الجمهوريون» وعدوا بأن الخفض في الضرائب سيسدد نفسه تلقائياً. لكن هذا خطأ في جوهره. ويجب محاسبة السيناتور «الجمهوري» ميتشل مكونيل والسيناتورة «الجمهورية» سوزان كولينز وآخرين ممن قدموا وأكدوا هذا، ويجب التصويت على إخراجهم من مناصبهم. فقد حذرت «لجنة الميزانية الاتحادية المسؤولة»، وهي منظمة غير هادفة للربح مدعومة من الحزبين من أن «الاحتمالات البديلة طويلة الأمد لمكتب الميزانية في الكونجرس توضح الطريق الوخيم الناتج عن الزيادة المستمرة في العجز في الموازنة والذي تم تفعيله العام الماضي. وإذا تصرف المشرعون بشكل غير مسؤول وأطالوا أمد العمل بعدة سياسات مؤقتة فإن الديون ستتجاوز مستويات قياسية بحلول عام 2029. ويتعين على المشرعين تنفيذ خطة تجعل الدين يمثل نسبة من الاقتصاد في اتجاه نزولي لضمان الاستدامة المالية. وفعل هذا سيمنع من تحقق الاحتمالات التي توقعها مكتب الميزانية في الكونجرس».

والتقشف المالي ليس ضرورياً وليس مجدياً سياسياً، لكن مع مرور الوقت يجب على السياسيين ألا يزيدوا الطين بلة. فمغامرات مثل تقليص الضريبة إدارياً على أرباح رأس المال والوعد بخفض دائم في الضرائب لفاحشي الثراء ينبغي النظر إليه على أنه إجراءات تعزز عدم المساواة في الدخل، وتسفر عن تداعيات مالية كارثية.
الأميركيون ليسوا أكثر الناس دفعاً للضرائب في العالم وليسوا قريبين من هذا الوضع حتى، خلافاً للتأكيدات الخاطئة التي أعلنها ترامب. واستناداً على بيانات «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، فحص مركز «بيو» البحثي «أربعة أنماط مختلفة من الأسر» منها أسرة بها شخص واحد يعمل ودون أطفال؛ ونوعان من أسر المتزوجين الذين لديهم طفلان، إحداهما أسرة يعمل بها كلا الأبوين والأخرى بها أحد الأبوين يعمل؛ وأسرة بها عائل واحد يعمل ولديه طفلان. وتوصل مركز «بيو» إلى أن الولايات المتحدة في كل الحالات أقل من المتوسط في دول المنظمة وأقل «في بعض الحالات بفارق كبير». صحيح أن هناك جدلاً بشأن المستوى المثالي للضرائب والموازنة بين حاجات المجتمع للحركة والحاجة الحقيقة للإنفاق العام، لكن من الواضح أن تقليص الضرائب في عام 2017 كان كارثياً من الناحية المالية ويجب ألا يتكرر.
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»