بعد التهديدات الفجة من قبل النظام الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، ووقوف سليماني في صف روحاني، عبر المحللون عن دهشتهم، فلأول مرة يقف الحرس الثوري المحسوب على تيار المتشددين والمحافظين في مقابل «الإصلاحيين». تداخل التشدد والإصلاح في طهران من أجل الحفاظ على عدم انهيار النظام وخاصة أن حزمة العقوبات الجديدة تتزامن مع الاضطرابات المستمرة والمتجددة كلما أحس الشعب الإيراني بأنه المتضرر الأول من كل عنتريات النظام تجاه العالم الأول والآخر.
العالم كله يراهن في هذه المرحلة من الصراع الذي يعلوا به الصراخ السياسي على ضرورة انهيار النظام الحاكم في إيران من داخله بأقل الخسائر التي تنجم من الحروب المباشرة. وهذا الطرح قد علمنا به من المصادر الإسرائيلية منذ قيام قائمة «الربيع العربي» وعدم قعوده حتى الساعة. وجاء موقف ترامب من الانسحاب النووي ليؤجج الصراع الإيراني أكثر مما يحتمل. فالغريب عندما يتم التطرق إلى ضرورة تغيير النظام في إيران، يخرج إلينا بعض المسؤولين من البيت الأبيض للنفي والتأكيد فقط على تغيير سلوك النظام وليس النظام ذاته، وكأن النظام لا زال يمر في سن المراهقة، وليس يستعد هذه الأيام للاحتفال بأربعينيته. عندما يحين موعد الانتخابات الإيرانية يفرح الغرب مع العرب بنصر «الإصلاحيين»، وبعد انتهاء نشوة الفوز يلطم الاثنان خدودهما حسرة لأن«الإصلاحي» الأول والمثقف الأوحد قد خذل توقعاتهم في ترشيد سلوك النظام وتهذيبه وتشذيبه لصالح الأمن والاستقرار في المنطقة. فغدى «الإصلاحي» من خاتمي إلى روحاني سليماني الهوى.
عندما حانت ساعة الصفر عند «هرمز»، اتحد روحاني وسليماني في الهدف وإن كان الثاني محسوباً على خامنئي. لا ينبغي على أهل السياسة والكياسة في الخليج على وجه التحديد التصديق بترامب بالمطلق، والسياسات لا تؤمن إلا بالنسبيات والمتغيرات هي ثوابتها، حتى لا نقع في فخ السياسة الأميركية التي يصنعها ترامب عبر توترات «تويتر»، وليس عن طريق المؤسسات وهي مرحلة فارقة في التاريخ الأميركي المعاصر وكذالك الغابر.
سيطرة إيران كما تزعم على أربع عواصم عربية، بيروت، بغداد، دمشق وصنعاء، جاءت على يد سليماني وبمباركة من «الإصلاحي» روحاني، فمن يملك أو يستطيع إصلاح سلوك النظام الإيراني بعد ذلك، ومن دون طرده من تلك العواصم المحتلة من قبل إيران وليس إسرائيل؟! فإذا تركت إيران هكذا على حل شعرها، فما هي العاصمة الخامسة التي تسعى لمد نفوذها إليها؟!
الأدهى والأمر من ذلك هو مشاركة هذا النظام جنباً إلى جنب دول التحالف في محاربة «داعش»، وغيره من التنظيمات التي اتخذت الإرهاب وسيلة لابتزاز استقرار الدول وأمنها.
كيف يستقيم ذلك، وإيران النظام الذي يتأفف من غلوائه العالم أجمع، وآخر تهديداتها، والتي أطلق عليها بعض المحللين بالكذبة الكبرى تجاه المضيق، فكيف لها أن تشنق نفسها بهذا التهديد السمج. هل سمعت عن نظام يعمي عينيه بأصبعه، للعلم إيران لا يمكن أن تخنق الشعب، وهي تعلم جيداً بأن ما قام به نظام الملالي في 1979، يمكن أن يتكرر وينقلب على ملاليه، بصورة قد لا تخطر على بال أحد كما أذهب «الربيع العربي» ريح بعض الأنظمة العربية بطريقة مأساوية لم يتحدث عن مؤشراته أشهر المحللين في السياسة الدولية.
إيران إذا استمرت في هذا السلوك العصي على التعديل، كما يصر العالم أجمع عليه، فإن «ربيعاً» من نوع آخر لها بالمرصاد والعالم يدفع باتجاه ذلك بشتى الطرق.
*كاتب إماراتي