شهدت العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والبرازيل تطوراً ملحوظاً على مدار العقود الأربعة الماضية، كان من أهم نتائجه: توقيع اتفاقية بين البلدين بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرة الدخول المسبقة لحاملي الجوازات العادية، في 16 مارس 2017، وفي الثاني من يوليو الفائت، عقد الاجتماع الأول لجنة المشاورات«الإماراتية – البرازيلية»، وفيه تم استعراض تعزيز العلاقات ومحاور التعاون الاقتصادي، كما استعرض الجانبان الجهود المبذولة وطنياً وإقليمياً ودولياً لمواجهة الإرهاب والتطرف، وإيجاد حلول ناجحة للأزمات المتفاقمة بالمنطقة، وإعادة الاستقرار إليها، بما يُسْهِم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وابتداءً من اليوم، الخميس 2 أغسطس، تحلّ الشارقة ضيف شرف الدورة ال25 لمعرض ساو باولو الدولي للكتاب حيث تقدم للزوار مسيرة الإمارات الثقافية، وتطورها خلال أربعة عقود من الزمن، وذلك بتنظيم سلسلة من الندوات والجلسات النقاشية التفاعلية التي تتناول الشعر، والرواية، والتراث في دولة الإمارات، كما تشمل عروض فنية تجمع بين الغناء الشعبي والرقص الفلكلوري تقدمها فرقة الشارقة الوطنية عبر شوارع مدينة «ساو باولو»، التي يزيد عدد سكانها على 21 مليون نسمة، وكل هذا بمشاركة وفد يترأسه الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، ويضم 20 كاتباً وناشراً و15 هيئة ومؤسسة ثقافية إماراتيَّة.
هذه المشاركة الإماراتيّة تعد احتفاءً بأكبر مشاركة عربية في تظاهرة ثقافية بأميركا الجنوبية، وهي تؤكد ما ذهب إليه الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، من أن الحوار القائم بين الثقافة الإماراتية واللاتينية في معرض ساو باولو الدولي للكتاب، يؤسس سلسلة علاقات استراتيجية، يمكنها أن تنعكس على الإمارة والدولة خلال الأعوام المقبلة، وإن ذلك يعود في نظره إلى:«إن ما تخطوه الشارقة برؤى وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على صعيد العمل الثقافي، يعدّ فرصة كبيرة أمام إمارة الشارقة ودولة الإمارات، لتمتين العلاقات مع مختلف بلدان العالم، وتعزيز فرص الحوار والتبادل الحضاري في مجمل صوره، الأمر الذي يجعل من حلول الشارقة ضيف شرف على معرض ساو باولو للكتاب، تقدماً ملموساً في جهود التواصل الدولي مع بلدان أميركا اللاتينية كافة».
من ناحية أخرى فإن نشاط الإمارات الخارجي في كل المجالات، بما فيها الثقافة، من خلال علاقاتها الدولية المتميزة لا يقف عند حدود الوطن، بل إنه يمثل حضوراً للأمة العربية، حيث تسهم الإمارات بإعطاء صورة إيجابية ومضاءة، وهذا يعيه المسؤولون عن الثقافة في المؤسسات الحكومية، ويعلنون عنه، وهنا نستند ما صرح به رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أحمد العامري، الذي قال:«لا تقدم الشارقة في برنامجها الثقافي بمعرض ساو باولو الدولي للكتاب الهوية الحضارية للإمارة أو لدولة الإمارات وحسب، إنما تمثل إحدى صور الثقافة العربية والإسلامية بمختلف أشكالها وتنوّعها.. والشارقة تفتح برؤى وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، نافذة واسعة أمام الناطقين بالبرتغالية، ومجمل الثقافات في أميركا الجنوبية، للاطلاع على الثقافة المحلية لدولة الإمارات، وما يقابلها من صور للثقافة العربية والإسلامية، منطلقة بذلك من ركيزة أساسية تؤمن أن المعرفة والكتاب والفعل الإبداعي هي قواسم مشتركة تجمع بين البشر في كل مكان لتكريس قيم السلام والمحبة، وتعزيز الحوار والتنوّع بين مختلف شعوب العالم».. هكذا تعمل الإمارات على أن تكون علاقاتها الإستراتيجية قائمة على الاستثمار في الثقافة، حضوراً، وحواراً، ومد جسور نحو مستقبل مشترك مع الآخر، متخطية أسوار اللغة، ومؤكدة أن«العربية» قادرة على العطاء وجدانياًّ وحضارياًّ.