شهدت دولة الإمارات خلال الأيام الثلاثة الماضية زيارة فخامة «شي جين بينغ»، رئيس جمهورية الصين الشعبية الصديقة، حيث جرت مباحثات ثنائية ناجحة ورفيعة المستوى بين القيادتين الإماراتية والصينية، ما سيدفع بالعلاقات المتينة والمتطورة بين البلدين إلى آفاق أشمل، في ظل حراك اقتصادي عربي صيني تحتل فيه الإمارات أعلى المستويات بالنسبة للمجموعة العربية. ويمكن قراءة هذا الحدث انطلاقاً من الرؤية الطَّمُوح لكل من الإمارات والصين، وهي رؤية تجمعها أهداف مشتركة، تقوم على مبادرات اقتصادية تسعى إلى تحقيق مصالح الطرفين. كما ينسجم التنسيق الاقتصادي الإماراتي الصيني المبكر مع التوجه العربي الصيني الراهن لخلق المزيد من فرص التعاون الاقتصادي، خاصة في ظل دعم الصين لإنجاح مبادرتها «الحزام والطريق»، بالتعاون مع الشركاء التاريخيين لطريق الحرير القديم. وتسعى الصين من خلال اهتمامها بالشراكة مع الإمارات ودول المنطقة للحفاظ على مؤشرات نموها المتصاعد، بالبحث الدائم عن منافذ استثمارية متجددة. وبدورها، تجد دولة الإمارات في الشريك الصيني ما يدعم التوجه الإماراتي الاستراتيجي، القائم على تحقيق الاستدامة وتنويع مصادر الاقتصاد والدخل القومي والاعتماد المستقبلي على عملية التصنيع والاستثمار في مجالات متنوعة. وخلال الأسبوع الإماراتي الصيني الذي تضمن مبادرات عدة، تم التذكير بما تحقق في مجالات التعاون المتعددة بين البلدين، ومن ذلك أن حجم تجارة الإمارات غير النفطية مع الصين خلال السنوات الخمس السابقة بلغت 896 مليار درهم. وإلى جانب الشق الاقتصادي، هناك الجانب السياحي والثقافي والتعليمي. والأهم في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، أنها تدشن انطلاقة مستمرة لتعاون إيجابي يتضمن في طياته عوامل التطور المستقبلي، في ظل تفكير اقتصادي يعيد الاعتبار للتواصل الثقافي والاقتصادي بين أركان الحضارة الشرقية في آسيا الحديثة. وكانت العلاقات بين البلدين شهدت منذ عام 2015 نقلة نوعية كبرى إثر توقيع اتفاقيات استراتيجية، عندما قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة للصين، فتسارعت وتيرة التعاون والانفتاح بين البلدين عقب تلك الزيارة. وبفضل التواصل والتنسيق المستمر بين مسؤولي البلدين، تحققت أرقام استثنائية، جعلت الإمارات الشريك الاقتصادي الأول للصين في العالم العربي، خاصة في المجالين الاستثماري والسياحي. وذلك ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ في مقال كتبه قبل زيارته للدولة، أشار فيه إلى أن بلادنا أصبحت منذ 2012 أول دولة خليجية أقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين، وأن التعاون الثنائي تطور منذ ذلك الوقت بشكل سريع، مشيراً إلى الزيارة المثمرة التي قام بها للصين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2015، ودور سموه في دفع التعاون الودي بين البلدين لتحقيق سلسلة من الإنجازات الكبيرة في مجالات الطاقة وتطوير مشروع المرحلة الثانية لمحطة الحاويات بميناء خليفة لرفع كفاءتها وصولاً، إلى معالجة مليونين و400 ألف حاوية معيارية سنوياً، إلى جانب التعاون في مجال توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية من خلال مشروع إماراتي صيني لإنشاء أكبر محطة كهروضوئية في العالم، لتمثل أول استثمار لصندوق طريق الحرير في الشرق الأوسط، إضافة إلى التعاون المالي، وتعزيز قطاع السياحة، بعد أن أصبحت الإمارات وجهة مفضلة للسياح الصينيين.