غالباً ما يفضل البشر إيهام النفس على الحقيقة المؤلمة، وهذا ما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة، حيث سنسمع تطمينات بأن حلف «الناتو» بحالة جيدة. وعلى أي حال، فقد كانت هناك خلافات في الماضي، ولعقود كان الرؤساء الأميركيون يشكون من نقصٍ في إنفاق الدفاع الأوروبي. والرئيس ترامب ليس مخطئاً في انتقاد اتفاق خط الأنابيب الذي أبرمته ألمانيا مع روسيا. لقد كان المجتمع عبر الأطلسي في مشاكل حتى قبل أن يتولى ترامب السلطة. فأوروبا، الديمقراطية والمسالمة، التي نأخذها كأمر مسلم به، عصفت بها في العقود الأخيرة الحركات القومية الشعبوية حتى النخاع، رداً على التدفق الهائل للاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا. وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، يحصل حزب يميني على نصيب كبير من المقاعد في البوندستاج الألماني. وحلت السلطوية محل الديمقراطية، أو كادت، في دول أوروبية مثل المجر وبولندا، وتعرضت الممارسات الديمقراطية والقيم الليبرالية للهجوم في جمهورية التشيك وسلوفاكيا. وتبقى فرنسا على بعد انتخابات واحدة من القيادة القومية اليمينية، بينما اتخذت إيطاليا خطوة كبيرة في هذا الاتجاه. وفي الوقت نفسه، فإن بريطانيا، التي لعبت دوراً رئيسياً في أوروبا أثناء وبعد الحرب الباردة، أخذت نفسها بعيداً عن الصورة وأصبحت ظلا باهتا لحالتها السابقة. إن إمكانية أن تعود أوروبا لماضيها المظلم أكبر اليوم مما كانت عليه في أي وقت أثناء الحرب الباردة. وليس سراً أن الرئيس باراك أوباما لم يكن لديه اهتمام كبير بأوروبا. وكان، مثل ترامب، يتحدث عن الحلفاء باعتبارهم «ركاباً بالمجان»، بينما كان الأوروبيون ينظرون إلى «تحوله» إلى آسيا باعتباره تحولا عنهم. ولأنه تحالف طوعي للشعوب الديمقراطية، فإن الناتو يحيا على أساس الدعم الشعبي. وكان هذا الأسبوع فرصة لدعمه، لكن ترامب هاجمه بشدة. وبغض النظر عن البيان الختامي الذي تنازل ترامب للتوقيع عليه، فقد أوضح في تغريداته وتعليقاته الخاصة للقادة الأوروبيين بأنه لا يؤمن بالناتو. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»