كلما ظهرت في الأفق العربي علامة إيجابية تتجسد في المشهد العام، تذكرت أحد كبار زعماء أمتنا العربية هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي ترك إرثاً عظيما من المبادئ النيرة لمواصلة البناء الداخلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المبادئ العظيمة لبناء شبكة علاقاتها الدولية المثمرة في الخارج. ومن العلامات الإيجابية الكثيرة لهذا النهج الدبلوماسي الخارجي، الإيجابي والفعال، تنامي العلاقات الصينية الإماراتية كنتاج للبذرة التي غرسها الشيخ زايد عام 1971، بعد يومين على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بالبرقية التي أرسلها للرئيس الصيني آنذاك ليخطره بميلاد الدولة الجديدة. كما تتجلى هذه العلاقات كثمرة للجهود المتميزة التي بذلتها وتبذلها الدولة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، لتنمية العلاقات الثنائية مع الصين، إحدى الدول العظمى في عالمنا المعاصر. لقد تنامت العلاقات الإماراتية الصينية على مدى سبعة وأربعين عاماً لتشمل اليوم شراكة في المبادئ الكبرى، بالإضافة إلى شراكة عالية الأهمية في المجال الاقتصادي، تغطي قطاعات عديدة وتجعل من الصين ثاني أكبر الدول المستوردة من الإمارات، ومن سوق الإمارات أحد أكبر الأسواق المستقبلة للبضائع الصينية. غير أننا نركز هنا على الشراكة السياسية والمبادئ التي تقوم عليها لخلق بيئة دولية مناسبة للتعاون بين الجانبين، بعيداً عن الصراعات والأطماع، حيث تتفق الدولتان على ضرورة إعلاء شأن القوانين الدولية وإنفاذ قرارات الأمم المتحدة وتفضيل حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية. كما تتفقان على رفض احتلال أي دولة لأراضي الغير بالقوة المسلحة، كما في قضيتي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى). وفي القضية الأولى تتمسك الدولتان بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق المفاوضات السلمية على أساس «حل الدولتين» وإقامة الدولة الفلسطينية طبقاً لقرارات الأمم المتحدة. وفي القضية الثانية تتمسك الدولتان بضرورة إعادة الجزر الإماراتية من خلال وسائل فض النزاعات بالطرق السلمية. إن اهتمام الدولتين بخلق بيئة دولية ودية يطبع علاقاتهما بمزيد من التقارب، لاسيما في ظل النبذ المشترك لسياسة التوسع والتدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول، كما يفعل النظام الإيراني الحالي. ومعلوم أن أحد المؤشرات المهمة المعتمدة لقياس قوة العلاقات السياسية بين الدول، يتمثل في تبادل الزيارات يبين مسؤوليها، وإذا راجعنا سجل الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، الإمارات والصين، سنجده حافلا بمثل هذه الزيارات، بدءا بزيارة الرئيس الصيني للإمارات عام 1989 وهي الزيارة التي تجاوب معها الشيخ زايد بزيارة للصين في العام التالي (1990)، وتلتها بعد ذلك زيارة توقف خلالها الرئيس الصيني في دبي عام 2007، ثم زيارة للصين قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عام 2008، جاءت من بعدهما ثلاث زيارات قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بدعوة من القيادة الصينية، في الأعوام 2009 و2012 و2015، فيما قام رئيس مجلس الدولة الصيني بزيارة للإمارات في عام 2012. لقد ترتبت على تلك الزيارات نتائج هامة في تطوير مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والفني بين البلدين. ولا شك في أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من ثمار التفاهم السياسي والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.