مع اختتام العام الدراسي، تبدأ الإجازة السنوية لجل العاملين في وزارة التربية والتعليم، لكني أتمنى من أعماق قلبي أن لا يكون هذا الصيف كغيره، فثمة حاجة إلى مراجعة للملاحظات التي برزت مؤخراً على الساحة المجتمعية تجاه القضايا التربوية، وهذا أمر يتطلب إلغاء بعض الإجازات، وبالذات لأصحاب المناصب التي تتمحور حولها عمليات التطوير في منظومة التعليم، وذلك لإجراء مراجعة شاملة لكافة القضايا المثارة على الصعيد الوطني، من أجل تعليم يحقق الغايات التي اعتمدتها قيادتنا الرشيدة. ومن موقع تخصصي، أتمنى أن تشمل تلك المراجعات القضايا التالية: أولًا؛ القيادة التربوية العليا. نحن ندرك أن منصب وزير التربية والتعليم هو منصب سياسي بالدرجة الأولى، ومن أهم عناصر نجاح معالي الوزير في تحقيق استراتيجيات وزارته، حسن اختيار فريق العمل المناط به التخطيط الدقيق والتنفيذ الجيد لتلك الاستراتيجيات. لذلك أقترح على معالي وزير التربية أن يشكل فريقاً متخصصاً من خارج الوزارة، كي يسهم في تقييم فريق الإدارة العليا في الوزارة، وللاطمئنان إلى أنه تم وضع الشخص المناسب في موقعه من الإعراب. فالتربية لم تعد فناً يكتسَب بالممارسة، بل علم يتخصص فيه الناس؛ فمن كان تخصصه في المناهج لن يكون مناسباً لرسم الاستراتيجيات، ومن كان تخصصه في الإدارة التعليمية لن ينجح في رسم سياسة التقويم التربوي.. إلخ. ولله الحمد والمنة فإن قيادتنا الرشيدة وُفِّقت في تخطيط برامج الدراسات العليا للمواطنين، بحيث لا يكاد يذكر تخصص تربوي إلا وقد تخرج منه مواطن يعتز بتخصصه. وعليه أتمنى أن تتم هذه المراجعة وفق قاعدة التخصص التربوي المتعمق لفريق الإدارة العليا في وزارة التربية. ثانياً؛ من أكثر الأمور إثارة للنقاشات في الدولة خلال السنة الماضية، كان موضوع المناهج التعليمية. لقد سافر فريق الإدارة العليا في الوزارة في جولات علمية إلى العديد من الدول، مثل فنلندا وبريطانيا وكوريا، وعند مقارنة مناهجنا بمناهج هذه الدول، يتضح أن موادنا التعليمية تتسم بالعمق المعرفي والكثافة العددية. ومعلوم في علم المناهج أن التعليم العام يمثل مرحلة التكوين الأساسي للمتعلم، لهذا ينبغي التقليل من العمق المعرفي مع زيادة الجوانب التي تبني الشخصية الإنسانية لدى الطالب. لا أطالب هنا بالسطحية المعرفية، لكن لدي إيمان بأن استعجال تدريس بعض المعارف قبل وصول النمو الإدراكي للتلميذ إلى المستوى المناسب، فيه مخاطرة غير محسوبة النتائج، وهذا أمر له سلبياته. وإذا كانت الإدارة العليا للتعليم معنية بالتخطيط السليم، وإذا كانت المناهج التعليمية هي الأدوات العملية لتحقيق تطلعات المجتمع من منظومته التعليمية، فإن المعلم هو القائد العملي في فصله. ثالثاً؛ المعلم. لن يستطيع المعلم المتعثر مادياً والمكدود عملياً، تحقيق ذلك الأمر، لأن بيئة العمل لم تخضع للمراجعة المطلوبة. لذلك فثمة حاجة لمراجعة نصاب الحصص، وأجندة العام الدراسي. من أسرار تميز الإدارة في دولة الإمارات اهتمامها بإسعاد الموظفين لأنهم السر العملي في سعادة المراجعين. أتمنى أن نتأكد من مدى سعادة المعلمين، وعندها سنحقق كافة طموحاتنا التربوية.