سيكون لقرار المحكمة العليا تأييد قرار «حظر دخول المسلمين» إلى الولايات المتحدة الذي اتخذته الإدارة الأميركية الحالية، تداعيات تتجاوز حدود القيود على منح تأشيرات لمواطنين من الدول المعنية بالقرار. فمن أبرز المخاوف إقرار تلك اللغة المعادية للمسلمين والمهاجرين التي تستخدمها الإدارة الراهنة، خصوصاً أن نبرة التحريض التي استخدمت ضد المسلمين هي التي جعلت المحاكم الأميركية الأقل درجة تبطل المحاولات السابقة لفرض الحظر. وفي حين زعمت الإدارة أنها لا تُكنّ أي عداء ضد المسلمين، فإن المحاكم لاحظت أنه أثناء الحملة الانتخابية في عام 2016 للترشح لمنصب الرئيس الأميركي، قال ترامب: «أعتقد أن الإسلام يكرهنا، ولا يمكننا السماح لأشخاص بالقدوم إلى هذه الدولة، وهم لها كارهون». كما لاحظت المحاكم أيضاً أنه كان قد دعا إلى «حظر شامل وكامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة». وفي محاولة للحد من الانتقادات وحفظ ماء الوجه، حاولت الإدارة تقديم نسخ معدلة من الحظر، بإضافة فنزويلا وكوريا الشمالية إلى قائمة الدول المحظورة مع إعادة صياغة للطرح باعتباره «حظر سفر» بسبب اعتبارات الأمن القومي. وقد أيدت المحكمة العليا النسخة الثالثة من الحظر. وبتأييد حظر ترامب، أقرت المحكمة الحق المطلق للرئيس في «تعليق دخول مواطنين أجانب إلى الولايات المتحدة»، بغض النظر عن نواياه وما إذا كانت تحمل أي شبهة تمييز بحق فئة معينة من الناس. ومن المخيف التفكير في تداعيات منح هذه السلطة لأي رئيس أميركي. وسيكون لهذا القرارات تأثير مباشر وضار على مئات آلاف الأميركيين من أصول صومالية أو يمنية أو سورية ممن هاجروا مؤخراً، إضافة إلى المواطنين الآخرين المتأثرين في تلك الدول. فهؤلاء الأميركيون لن يتمكنوا بعد ذلك من استقبال أسرهم لزيارتهم. وإذا كانوا من حاملي البطاقات الخضراء، فقد أصبحوا الآن مهددين برفض دخولهم مجدداً إذا غادروا الولايات المتحدة لزيارة ذويهم في الخارج. ويبدو هذا القرار وتأييده بمثابة استهزاء بمخاوف الأمن القومي، ففي حين زعمت الإدارة الأميركية الحالية مراراً وتكراراً أن الهدف من هذا الإجراء هو إبعاد الأشخاص الخطرين عن دولتنا، فليس ثمة دليل على أن المهاجرين من الدول المستهدفة قد تورطوا في أعمال إرهابية داخل الولايات المتحدة. وأما بالنسبة للمخاوف التي تم الإعراب عنها بشأن المخاطر التي يمثلها لاجئون من تلك الدول، باعتبارهم أشخاص مجهولين بالنسبة لنا، فيشكل ذلك تجاهلاً لعملية التدقيق الأمني المكونة من 12 مرحلة التي يخضعون لها حالياً للتأكد من أنهم لا يشكلون أي تهديد. وفي الحقيقة نعرف عن اللاجئين أكثر مما نعرف عن أية مجموعة أخرى من المهاجرين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة. وأخيراً، لن يؤدي قرار المحكمة العليا، الذي يأتي في أعقاب سياسة الإدارة الحالية بفصل أسر اللاجئين وطالبي اللجوء ووضعهم في معسكرات احتجاز من دون الخضوع لمراجعة قضائية، إلا إلى تمكين البيت الأبيض من اتخاذ تدابير جديدة مثيرة للغضب باسم الأمن القومي. وسواء أكان ذلك «حظراً لدخول المسلمين» أو "حظر سفر" لدواعي الأمن القومي، فإنه غير مناسب. وبتأييد المحكمة العليا لمثل هذه السلوكيات، لا يسعنا إلا أن نتوقع مزيداً من رهاب الأجانب، وزيادة الكراهية، وعيش الجاليات المستهدفة في خوف ورعب. بيد أن ذلك ليس ما تريد أميركا أن تتركه للأجيال المقبلة. ويبدو أن لذلك كله دوافع سياسية، فمن الواضح أن تصريحات ترامب وأفعاله تهدف إلى إلهاب حماسة أنصاره، أملاً في الحفاظ على استمرار سيطرة "الجمهوريين" على الكونجرس مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، بينما يشعر الرئيس أنه سيظل بمأمن طالما انتصر الحزب "الجمهوري".