رغم أن الإدارة الأميركية لم تعلن بعد عن خطتها لصفقة القرن، لا قبل جولة كوشنر صهر ترامب في دول المنطقة ولا عقبها، فإن الجولة أحدثت أصداء مهمة سواء في العواصم العربية، أو في إسرائيل أو في رام الله (مقر السلطة الفلسطينية). نبدأ من القاهرة؛ فبعد اجتماع الرئيس السيسي بكوشنر والوفد المرافق له، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً تضمن ما يلي: أولاً، أن الرئيس المصري أكد لكوشنر أن مصر مصممة على أن يكون حل النزاع على أساس حل الدولتين. ثانياً، أن مصر متمسكة بقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967. ثالثاً، أن مصر متمسكة بأن تكون مدينة القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ومن الواضح أن الموقف المصري المذكور كان موضع اتفاق مسبق مع العواصم العربية المهمة، بدليل أن البيانات التي خرجت من العواصم التي زارها كوشنر كانت مطابقة للموقف المصري. هناك ملاحظة مهمة من شأنها إخراس الألسنة المغرضة، وهي أن محتوى البيانات العربية المعلنة هو نفسه الذي استمع إليه كوشنر بالفعل من الزعماء العرب، بدليل ما صرح به هذا المبعوث الأميركي لصحيفة «القدس» الصادرة في الضفة الغربية. قال كوشنر للصحيفة إنه قابل في جميع العواصم العربية التي زارها تصميماً من جانب القادة العرب على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وأن هؤلاء القادة العرب أوضحوا له أنهم يريدون اتفاقاً يمكن الشعب الفلسطيني من أن يعيش بسلام وأن تتاح له الفرص الاقتصادية نفسها التي يتمتع بها المواطنون في بلدانهم، وأنهم يريدون صفقة تحترم كرامة الفلسطينيين وتضع حلا واقعياً للقضايا التي تمت مناقشتها منذ عقود، وأن هؤلاء القادة العرب يصرون على أن المسجد الأقصى يجب أن يبقى مفتوحاً لجيع المسلمين الراغبين في الصلاة به. هذا إذن هو موقف الدول العربية وهو نفس الموقف الذي تبنته قمة القدس العربية في الظهران. أما موقف السلطة الفلسطينية فقد أخذ اتجاهين؛ الأول عبر عنه رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني الذي أشاد بالمواقف العربية التي اتخذها القادة الذين اجتمع بهم كوشنر، وقال: لقد دعمت الدول العربية الشقيقة الموقف الفلسطيني في هذه المرحلة الحساسة، مضيفاً أن هذه المواقف العروبية المبدئية والثابتة تؤكد مجدداً أهمية الدور العربي الجامع والملتزم بقرارات القمم العربية في مواجهة جميع المخططات الرامية لإطالة أمد الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية. أما الاتجاه الثاني للموقف الفلسطيني، فعبر عنه صائب عريقات كبير المفاوضين ونبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس، وقد بقي رافضاً للصفقة الأميركية التي لم يعلن عنها بعد، ورأى صائب عريقات أن إدارة ترامب تريد التخلص من القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس المتمسك بالثوابت الفلسطينية، وأن تحل محلها قيادة جديدة، فيما هاجم أبو ردينة الخطة الأميركية، وقال إن صفقة القرن تحولت إلى صفقة غزة، وإن الهدف من الخطة الأميركية هو القضاء على الهوية الفلسطينية وسحق التطلع الفلسطيني لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. أما ردود الفعل الإسرائيلية، فتمثلت في رصد معنى إدلاء كوشنر بحديث لمجلة «القدس»، ورأت صحيفة «إسرائيل هيوم» أن كوشنر بهذا الحديث يخاطب الشعب الفلسطيني من فوق رأس عباس، رغم أنه أكد في نفس الحديث استعداده لمواصلة المباحثات مع عباس. ومن ناحية ثانية، قالت صحيفة «هآرتس»، إن عباس وزملاءه في القيادة استمدوا تشجيعاً كبيراً من قول كوشنر للصحيفة الفلسطينية بأن القادة العرب أكدوا تصميمهم على حل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.