على مدى ثلاث أيام، حقّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنجازين دبلوماسيين لافتين. ففي الثامن والتاسع من يونيو، حضر ترامب القمة السنوية الرابعة والأربعين لزعماء دول مجموعة السبعة المجتمعين في كيبيك الكندية هذا العام. وبعد ذلك، توجه مباشرة إلى سنغافورة من أجل أول لقاء بين رئيس أميركي وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. اجتماع مجموعة السبعة كان كارثة بسبب تصرف ترامب الخشن بشكل رئيسي. ذلك أنه وصل إلى القمة متأخراً وغادرها مبكراً. وفي نوبة غضب، قرر سحب الدعم الأميركي للبيان الختامي للاجتماع بسبب انزعاجه من تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الكندي جاستن تريدو خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الرسمي. وقد كانت الخلافات بين ترامب والأعضاء الآخرين في مجموعة السبعة تتعلق بشكل رئيسي بالتجارة والتعرفات الجمركية؛ ولكن إضافة إلى ذلك، أغضب ترامب زملاءه عندما دعا بشكل أحادي الجانب إلى إعادة روسيا إلى مجموعة السبعة عقب طردها في 2014 على إثر قرار الرئيس فلاديمير بوتين ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا ودعم انتفاضة شبه عسكرية في شرق أوكرانيا. وفي تباين دراماتيكي، شكّلت القمة في سنغافورة، من الناحية التاريخية والاستعراضية، نجاحاً كبيراً جداً؛ حيث قام ترامب وكيم بمصافحة جد علنية، ولم يقولا إلا كلمات معسولة في حق بعضهما البعض، وأصدرا بياناً مشتركاً يعتقدان أنه يبشّر ببداية جديدة لشبه الجزيرة الكورية. ومن بين العبارات اللافتة التي تضمنها هذا البيان، أن «الرئيس ترامب التزم بتوفير ضمانات أمنية لكوريا الشمالية والرئيس كيم جونغ أون أعاد التأكيد على التزامه القوي والثابت بإكمال عملية إزالة الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية». غير أنه في هذه المرحلة المبكرة، بعيد الاجتماع، لا أحد يعرف بالضبط ما قاله الزعيمان لبعضهما البعض في اجتماعهما الخاص الذي دام 45 دقيقة. المترجمون هم الوحيدون الذين حضروا الاجتماع. ولم يسمح لأحد بتدوين ملاحظات. وبالتالي، فإذا لم يُسجل الاجتماع، فإنه لا يوجد أي سجل واضح للوعود أو الالتزامات التي قدمها الزعيمان لبعضهما البعض. وفي ما عدا ذلك، فإن المكان الذي احتضن القمة كان ساحراً وشكّل بكل وضوح انتصاراً لكيم جونغ أون الذي حظي باهتمام عالمي لم يلقه أي زعيم كوري شمالي من قبل. ولا شك أنه في الأيام المقبلة ستظهر تفاصيل أكثر عن هذا اللقاء؛ ولكن المنتقدين يرون أن أي مفاوضات حول عملية نزع الأسلحة النووية ستكون صعبة للغاية وسيتطلب إنجازها عدة أشهر، إن لم يكن سنوات. وعلاوة على ذلك، سيتعين على ترامب أن يدرك أن ثمة ثلاثة أطراف أخرى معنية جداً بالمفاوضات هي: الصين، وكوريا الجنوبية، واليابان. ولا شك أيضاً أن بعض المشككين سيلفتون إلى أنه لئن لم يسبق عقد مثل هذا الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين، فإنه كانت ثمة على مدى السنين اجتماعات واتفاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تعبّر جميعها عن نفس مشاعر بيان سنغافورة ولكنها فشلت جميعها. وإذا أريد لاتفاق حول نزع الأسلحة النووية أن يكون جامعاً وشاملاً على غرار البنود التي تم التفاوض حولها من أجل «خطة العمل الشاملة المشتركة» مع إيران، فإنه سيكون من الضروري إجراء محادثات طويلة وشاقة. ومع ذلك، قلّل ترامب من شأن الاتفاق النووي مع إيران باعتباره اتفاقاً سيئاً وانسحب منه. وفي الأثناء، يتعين على ترامب أن يقرّر ما إن كان سيسعى وراء تقارب مع حلفاء مجموعة السبعة أم سيواصل السعي وراء هدفه المتمثل في إعادة كتابة اتفاقيات قائمة حول التجارة والتعرفات الجمركية. وقد يحصل ترامب على تحسن في معدلات الرأي العام خلال الأشهر القليلة المقبلة، ولكن ينبغي القول إن الفائزين الحقيقيين من قمتي كيبيك وسنغافورة هما الصين وروسيا، اللتين ستستفيدان من الخلاف بين الحلفاء الغربيين وتشعران بالارتياح الآن لكون شبح الحرب على شبه الجزيرة الكورية قد يكون ابتعد.