أشعر منذ فترة بشوق عارم للكتابة عن أمور مبهجة لنفوس العرب وأيامهم، ولحسن الحظ فقد جاء عيد الفطر الذي تدخل معه البهجة إلى بيوت العرب والمسلمين صغاراً وكباراً. وأرى أن بهجة هذا العيد يجب أن تدخل أيضاً إلى السطور التي يقرأها العرب في هذا العيد. إن البهجة في نظري نوعان الأول لا نبذل في خلقه جهداً فهو يأتينا هدية ومنة من الله سبحانه وتعالى، مثل هدايا أعيادنا الدينية ونعم الله الكثيرة التي أنعم بها علينا، أما النوع الثاني فيأتينا بتوفيق من المولى عز وجل نتيجة لعملنا وجهدنا. شعرت كمواطن عربي بالبهجة عندما نادى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على أشقائه في الإمارات والكويت والأردن للاجتماع في قمة بمكة المكرمة للتباحث حول كيفية مساعدة الأردن على تجاوز المرحلة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها. عندما قرأت قرارات القمة حول دعم الأردن بالمعونات المالية، زاد عندي شعور البهجة ليس فقط لأن المواطن الأردني ستقل معاناته، بل أيضاً لهذا الإحساس بالإخاء والتضامن العربي الذي عبر عنه ذلك الحضور المبهج للإمارات والكويت. وزاد ابتهاجي في اليوم التالي عندما نشرت تعليقات المسؤولين الأردنيين، ووجدت أن السفير الأردني في الرياض علي الكايد يستخدم كلمتي الابتهاج والارتياح ليعبر عما يشعر به الأردنيون تجاه المساعدات التي قدمتها لبلاده كل من السعودية والإمارات والكويت. أما رئيس الوزراء الأردني الجديد عمر الرزاز فقدم لنا في مؤتمره الصحفي معلومات تزيد من اطمئنانا على الأردن وتماسكه الداخلي عندما بين أنه اجتمع قبل مؤتمره الصحفي مع الأمناء العامين للأحزاب الأردنية كافة، وأن الجميع يشعرون بالتفاؤل تجاه المرحلة الاقتصادية المقبلة، بعد الدعم الذي قدمته قمة مكة. جميل أيضاً ذلك الاهتمام الذي أبداه الرزاز بخلق فرص العمل للشباب الأردني، وأيضاً تعبيره عن تفهمه لدرجة الإحباط التي يعانيها هذا الشباب عندما لا يجد العمل الذي يكفل له حياة كريمة. إن هذا هو نوع البهجة الذي استوجب عملا وعطاءً من الأشقاء ووعياً بمشاكل الشباب من جانب المسؤول الأردني. راودني أيضاً إحساس من البهجة عندما طالعت في الصحف الإسرائيلية خبراً عن أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب عدلت بالفعل مشروعها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومصدر بهجتي هنا هو أن التعديل في المشروع الأميركي يعني أن مطالب العرب قد وضعتها الإدارة الأميركية في الاعتبار خصوصاً بعد القمة العربية في الظهران التي سماها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان «قمة القدس». لقد جاءت هذه التسمية تعبيراً عن رفض القمة العربية لاعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وعن التمسك العربي بحل الدولتين الذي يعني إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية. وكما نعلم فإن الرئيس ترامب وأعضاء طاقمه لعملية السلام لم يسبق أن أعلنوا بشكل واضح عن تمسكهم بحل الدولتين، فضلا عن المشكلة التي خلقوها في موضوع القدس. لقد ظللت متمسكاً في مقالاتي السابقة بإحساس التفاؤل بقدرة العواصم العربية المؤثرة، وهي تحديداً القاهرة والرياض وأبوظبي، على التأثير في رؤية إدارة ترامب وزحزحتها عن موقف الانحياز لمطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف. كان بحوزتي مؤشر عربي مهم وهو تصريح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد فيه أن هناك حواراً عربياً مستمراً مع واشنطن، وأنها تستمع بتفهم واحترام للمطالب العربية. أرجو إن يأتي مشروع ترامب بالبهجة للنفوس العربية وللأيام العربية.